وبالوالدين إحسانا وبذي القربى، أن تصلوا رحمه، وتعرفوا حقه، وباليتامى: أن تتعطفوا عليهم بالرحمة والرأفة، وبالمساكين: أن تؤتوهم حقوقهم التي ألزمها الله أموالكم.
والمسكين: هو المتخشع المتذلل من الفاقة والحاجة، وهو مفعيل من المسكنة، والمسكنة هي ذل الحاجة والفاقة.
القول في تأويل قوله تعالى: وقولوا للناس حسنا.
إن قال قائل: كيف قيل: وقولوا للناس حسنا فأخرج الكلام أمرا ولما يتقدمه أمر، بل الكلام جار من أول الآية مجرى الخبر؟ قيل: إن الكلام وإن كان قد جرى في أول الآية مجرى الخبر فإنه مما يحسن في موضعه الخطاب بالأمر والنهي، فلو كان مكان: لا تعبدون إلا الله لا تعبدوا إلا الله على وجه النهي من الله لهم عن عبادة غيره كان حسنا صوابا وقد ذكر أن ذلك كذلك في قراءة أبي بن كعب. وإنما حسن ذلك وجاز لو كان مقروءا به لان أخذ الميثاق قول، فكان معنى الكلام لو كان مقروءا كذلك: وإذ قلنا لبني إسرائيل لا تعبدوا إلا الله، كما قال جل ثناؤه في موضع آخر: وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة. فلما كان حسنا وضع الأمر والنهي في موضع:
لا تعبدون إلا الله، عطف بقوله: وقولوا للناس حسنا على موضع لا تعبدون، وإن كان مخالفا كل واحد منهما معناه معنى ما فيه، لما وصفنا من جواز وضع الخطاب بالأمر والنهي موضع لا تعبدون فكأنه قيل: وإذا أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدوا إلا الله، وقولوا للناس حسنا. وهو نظير ما قدمنا البيان عنه من أن العرب تبتدئ الكلام أحيانا على وجه الخبر عن الغائب في موضع الحكايات لما أخبرت عنه، ثم تعود إلى الخبر على وجه الخطاب، وتبتدئ أحيانا على وجه الخطاب ثم تعود إلى الاخبار على وجه الخبر عن الغائب لما في الحكاية من المعنيين كما قال الشاعر:
أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة * لدينا ولا مقلية إن تقلت يعني تقليت، وأما الحسن فإن القراءة اختلفت في قراءته، فقرأته عامة قراءة الكوفة غير عاصم: وقولوا للناس حسنا بفتح الحاء والسين. وقرأته عامة قراء المدينة: