(ويوم لا يسبتون لا تأتيهم) (1). ففعلت الحيتان ذلك ما شاء الله، فلما رأوها كذلك طمعوا في أخذها وخافوا العقوبة، فتناول بعضهم منها فلم تمتنع عليه، وحذر العقوبة التي حذرهم موسى من الله تعالى. فلما رأوا أن العقوبة لا تحل بهم عادوا وأخبروا بعضهم بعضا بأنهم قد أخذوا السمك ولم يصبهم شئ، فكثروا في ذلك وظنوا أن ما قال لهم موسى كان باطلا، وهو قول الله جل ثناؤه: (ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين) يقول لهؤلاء الذين صادوا السمك، فمسخهم الله قردة بمعصيتهم، يقول: إذا لم يحيوا في الأرض إلا ثلاثة أيام، ولم تأكل، ولم تشرب، ولم تنسل، وقد خلق الله القردة والخنازير وسائر الخلق في الستة الأيام التي ذكر الله في كتابه، فمسخ هؤلاء القوم في صورة القردة، وكذلك يفعل بمن شاء كما يشاء، ويحوله كما يشاء.
951 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة بن الفضل، قال: ثنا محمد بن إسحاق، عن داود بن الحصين، عن عكرمة مولى ابن عباس، قال: قال ابن عباس: إن الله إنما افترض على بني إسرائيل اليوم الذي افترض عليكم في عيدكم يوم الجمعة، فخالفوا إلى السبت فعظموه وتركوا ما أمروا به، فلما أبوا إلا لزوم السبت ابتلاهم الله فيه، فحرم عليهم ما أحل لهم في غيره. وكانوا في قرية بين أيلة والطور يقال لها " مدين "، فحرم الله عليهم في السبت الحيتان صيدها وأكلها، وكانوا إذا كان يوم السبت أقبلت إليهم شرعا إلى ساحل بحرهم، حتى إذا ذهب السبت ذهبن، فلم يروا حوتا صغيرا ولا كبيرا. حتى إذا كان يوم السبت أتين إليهم شرعا، حتى إذا ذهب السبت ذهبن. فكانوا كذلك، حتى إذا طال عليهم الأمد وقرموا (2) إلى الحيتان، عمد رجل منهم فأخذ حوتا سرا يوم السبت فخزمه (3) بخيط، ثم أرسله في الماء، وأوتد له وتدا في الساحل، فأوثقه ثم تركه. حتى إذا كان الغد جاء فأخذه، أي إني لم آخذه في يوم السبت، ثم انطلق به فأكله. حتى إذا كان يوم السبت الاخر عاد لمثل ذلك. ووجد الناس ريح الحيتان. فقال أهل القرية: والله لقد وجدنا ريح الحيتان. ثم عثروا على (4) ما صنع ذلك الرجل. قال: ففعلوا كما فعل، وأكلوا سرا زمانا طويلا لم يعجل الله عليهم بعقوبة حتى صادوها علانية وباعوها بالأسواق، وقالت طائفة منهم نمن أهل البقية (5): ويحكم اتقوا الله! ونهوهم عما كانوا يصنعون. وقالت طائفة أخرى شديدا قالوا معذرة إلى ربكم) لسخطنا أعمالهم (ولعلهم يتقون) (6).