وهذه الآية وآيات بعدها تتلوها، مما عدد جل ثناؤه فيها على بني إسرائيل الذين كانوا بين خلال دور الأنصار زمان النبي صلى الله عليه وسلم الذين ابتدأ بذكرهم في أول هذه السورة من نكث أسلافهم عهد الله وميثاقه ما كانوا يبرمون من العقود. وحذر المخاطبين بها أن يحل بهم بإصرارهم على كفرهم ومقامهم على جحود نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وتركهم اتباعه والتصديق بما جاءهم به من عند ربه مثل الذين بأوائلهم من المسخ والرجف والصعق، وما لا قبل لهم به من غضب الله وسخطه. كالذي:
950 - حدثنا أبو كريب، قال: ثنا عثمان بن سعيد، قال: ثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس (ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السب) يقول:
ولقد عرفتم وهذا تحذير لهم من المعصية، يقول: احذروا أن يصيبكم ما أصاب أصحاب السبت إذ عصوني، (اعتدوا) يقول اجترأوا في السبت. قال: لم يبعث الله نبيا إلا أمره بالجمعة وأخبره بفضلها وعظمها في السماوات وعند الملائكة، وأن الساعة تقوم فيها، فمن اتبع الأنبياء فيما مضى كما اتبعت أمة محمد صلى الله عليه وسلم محمدا قبل الجمعة وسمع وأطاع وعرف فضلها وثبت عليها بما أمره الله تعالى به ونبيه صلى الله عليه وسلم، ومن لم يفعل ذلك كان بمنزلة الذين ذكر الله في كتابه، فقال: (ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين). وذلك أن اليهود قالت لموسى حين أمرهم بالجمعة وأخبرهم بفضلها: يا موسى كيف تأمرنا بالجمعة وتفضلها على الأيام كلها، والسبت أفضل الأيام كلها لان الله خلق السماوات والأرض والأقوات في ستة أيام وسبت (1) له كل شئ مطيعا يوم السبت، وكان آخر الستة؟ قال: وكذلك قالت النصارى لعيسى ابن مريم حين أمرهم بالجمعة، قالوا له:
كيف تأمرنا بالجمعة، وأول الأيام أفضلها وسيدها، والأول أفضل، والله واحد، والواحد الأول أفضل؟ فأوحى الله إلى عيسى أن دعهم والأحد، ولكن ليفعلوا فيه كذا وكذا مما أمرهم به. فلم يفعلوا، فقص الله تعالى قصصهم في الكتاب بمعصيتهم. قال: وكذلك قال الله لموسى حين قالت له اليهود ما قالوا في أمر السبت: أن دعهم والسبت فلا يصيدوا فيه سمكا ولا غيره، ولا يعملون شيئا كما قالوا. قال: فكان إذا كان السبت ظهرت الحيتان على الماء فهو قوله: (إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا) (2) يقول: ظاهرة على الماء، ذلك لمعصيتهم موسى. وإذا كان غير يوم السبت صارت صيدا كسائر الأيام، فهو قوله: