والصواب في ذلك عندنا أن كل كلام نطق به مفهوم به معنى ما أريد ففيه الكفاية من غيره، ويعني بقوله: خذوا ما آتيناكم: ما أمرناكم به في التوراة، وأصل الايتاء:
الاعطاء. ويعني بقوله: بقوة بجد في تأدية ما أمركم فيه وافترض عليكم. كما:
حدثت عن إبراهيم بن بشار، قال: حدثنا ابن عيينة، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: خذوا ما آتيناكم بقوة قال: تعملوا بما فيه.
وحدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
وحدثني المثنى، قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية: خذوا ما آتيناكم بقوة قال: بطاعة.
وحدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة: خذوا ما آتيناكم بقوة قال: القوة: الجد، وإلا قذفته عليكم. قال: فأقروا بذلك أنهم يأخذون ما أوتوا بقوة.
وحدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسباط، عن السدي: بقوة: يعني بجد واجتهاد.
وحدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد وسألته عن قول الله: خذوا ما آتيناكم بقوة قال: خذوا الكتاب الذي جاء به موسى بصدق وبحق.
فتأويل الآية إذا: خذوا ما افترضناه عليكم في كتابنا من الفرائض فاقبلوه واعملوا باجتهاد منكم في أدائه من غير تقصير ولا توان. وذلك هو معنى أخذهم إياه بقوة بجد.
القول في تأويل قوله تعالى: واذكروا ما فيه لعلكم تتقون.
قال أبو جعفر: يعني: واذكروا ما فيما آتيناكم من كتابنا من وعد ووعيد شديد وترغيب وترهيب، فاتلوه واعتبروا به وتدبروه إذا فعلتم ذلك كي تتقوا وتخافوا عقابي بإصراركم على ضلالكم فتنتهوا إلى طاعتي وتنزعوا عما أنتم عليه من معصيتي. كما:
حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني ابن إسحاق، عن داود بن الحصين، عن عكرمة عن ابن عباس: لعلكم تتقون قال: تنزعون عما أنتم عليه.