قال ابن عباس: فبينما هم على ذلك أصبحت تلك البقية في أنديتهم ومساجدهم، وفقدوا الناس فلا يرونهم، فقال بعضهم لبعض: إن للناس لشأنا فانظروا ما هو! فذهبوا ينظرون في دورهم، فوجدوها مغلقة عليهم، قد دخلوا ليلا فغلقوها على أنفسهم كما تغلق الناس على أنفسهم، فأصبحوا فيها قردة، إنهم ليعرفون بعينه وإنه لقرد، والمرأة بعينها وإنها لقردة، والصبي بعينه وإنه لقرد.
قال: يقول ابن عباس: فلولا ما ذكر الله أنه أنجى الذين نهوا عن السوء لقلنا أهلك الجميع منهم. قالوا: وهي القرية التي قال الله لمحمد صلى الله عليه وسلم: (واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر) (1) الآية.
952 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: (ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين) أحلت لهم الحيتان وحرمت عليهم يوم السبت بلاء من الله ليعلم من يطيعه ممن يعصيه. فصار القوم ثلاثة أصناف: فأما صنف فأمسك ونهى عنه المعصية، وأما صنف فأمسك عن حرمة الله، وأما صنف فانتهك حرمة الله ومرد (2) على المعصية، فلما أبوا إلا الاعتداء إلى ما نهوا عنه، قال الله لهم: (كونوا قردة خاسئين) فصاروا قردة لها أذناب، تعاوى، بعد ما كانوا رجالا ونساء.
953 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أنا معمر، عن قتادة في قوله: (ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت) قال: نهوا عن صيد الحيتان يوم السبت فكانت تشرع إليهم يوم السبت، وبلوا بذلك فاعتدوا فاصطادوها، فجعلهم الله قردة خاسئين.
954 - حدثني موسى قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي: (ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين) قال: فهم أهل أيلة، وهي القرية التي كانت حاضرة البحر. فكانت الحيتان إذا كان يوم السبت - وقد رم الله على اليهود أن يعملوا في السبت شيئا - لم يبق في البحر حوت إلا خرج حتى يخرج خراطيمهن من الماء، فإذا كان يوم الأحد لزمن سفل البحر فلم ير منهن شئ حتى يكون يوم السبت.
فذلك قوله: (واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم) (3). فاشتهى بعضهم السمك، فجعل