وقد ذكرنا القول في تأويل قوله: * (قلنا اهبطوا منها جميعا) * فيما مضى فلا حاجة بنا إلى إعادته، إذ كان معناه في هذا الموضع هو معناه في ذلك الموضع. وقد:
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا إسماعيل بن سالم، عن أبي صالح في قوله: اهبطوا منها جميعا قال: آدم، وحواء، والحية، وإبليس.
القول في تأويل قوله تعالى: فإما يأتينكم مني هدى.
قال أبو جعفر: وتأويل قوله: فإما يأتينكم فإن يأتكم، وما التي مع إن توكيد للكلام، ولدخولها مع إن أدخلت النون المشددة في يأتينكم تفرقة بدخولها بين ما التي تأتي بمعنى توكيد الكلام التي تسميها أهل العربية صلة وحشوا، وبين ما التي تأتي بمعنى الذي، فتؤذن بدخولها في الفعل، أن ما التي مع إن التي بمعنى الجزاء توكيد، وليست ما التي بمعنى الذي.
وقد قال بعض نحويي البصريين: إن إما إن زيدت معها ما، وصار الفعل الذي بعده بالنون الخفيفة أو الثقيلة، وقد يكون بغير نون. وإنما حسنت فيه النون لما دخلته ما، لان ما نفي، فهي مما ليس بواجب، وهي الحرف الذي ينفي الواجب، فحسنت فيه النون، نحو قولهم: بعين ما أرينك حين أدخلت فيها ما حسنت النون فيما ههنا. وقد أنكر جماعة من أهل العربية دعوى قائلي هذه المقالة أن ما التي مع بعين ما أرينك بمعنى الجحد، وزعموا أن ذلك بمعنى التوكيد للكلام.
وقال آخرون: بل هو حشو في الكلام، ومعناها الحذف، وإنما معنى الكلام: بعين أراك، وغير جائز أن يجعل مع الاختلاف فيه أصلا يقاس عليه غيره.
القول في تأويل قوله تعالى: مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
قال أبو جعفر: والهدى في هذا الموضع البيان والرشاد، كما:
حدثنا المثنى ابن إبراهيم، قال: حدثنا آدم العسقلاني، قال: حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية في قوله: فإما يأتينكم مني هدى قال: الهدى:
الأنبياء والرسل والبيان.