القول في تأويل قوله تعالى: وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم.
قال أبو جعفر: قد تقدم بياننا معنى العهد فيما مضى من كتابنا هذا واختلاف المختلفين في تأويله والصواب عندنا من القول فيه. وهو في هذا الموضع عهد الله ووصيته التي أخذ على بني إسرائيل في التوراة أن يبينوا للناس أمر محمد (ص) أنه رسول، وأنهم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة أنه نبي الله، وأن يؤمنوا به وبما جاء به من عند الله.
أوف بعهدكم وعهده إياهم: أنهم إذا فعلوا ذلك أدخلهم الجنة، كما قال جل ثناؤه:
ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا الآية، وكما قال:
فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الآية. وكما:
حدثنا به ابن حميد، قال: حدثنا سلمة بن الفضل، عن ابن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة، أو سعيد بن جبير، عن ابن عباس:
وأوفوا بعهدي الذي أخذت في أعناقكم للنبي (ص) إذا جاءكم. أوف بعهدكم: أي أنجز لكم ما وعدتكم عليه بتصديقه واتباعه، بوضع ما كان عليكم من الإصر والأغلال التي كانت في أعناقكم بذنوبكم التي كانت من أحداثكم.
وحدثنا المثنى، قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية في قوله: أوفوا بعهدي أوف بعهدكم قال: عهده إلى عباده: دين الاسلام أن يتبعوه. أوف بعهدكم يعني الجنة.
وحدثنا موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي: أوفوا بعهدي أوف بعهدكم أما أوفوا بعهدي: فما عهدت إليكم في الكتاب، وأما أوف بعهدكم: فالجنة، عهدت إليكم أنكم إن عملتم بطاعتي أدخلتكم الجنة.
وحدثني القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج في قوله: وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم قال: ذلك الميثاق الذي أخذ عليهم في المائدة ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا إلى آخر الآية. فهذا عهد الله الذي عهد إليهم، وهو عهد الله فينا، فمن أوفى بعهد الله وفى الله له بعهده.