القول في تأويل قوله تعالى: اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم.
قال أبو جعفر: ونعمته التي أنعم بها على بني إسرائيل جل ذكره اصطفاؤه منهم الرسل، وإنزاله عليهم الكتب، واستنقاذه إياهم مما كانوا فيه من البلاء والضراء من فرعون وقومه، إلى التمكين لهم في الأرض، وتفجير عيون الماء من الحجر، وإطعام المن والسلوى. فأمر جل ثناؤه أعقابهم أن يكون ما سلف منه إلى آبائهم على ذكر، وأن لا ينسوا صنيعه إلى أسلافهم وآبائهم، فيحل بهم من النقم ما أحل بمن نسي نعمه عنده منهم وكفرها وجحد صنائعه عنده. كما : حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس:
اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم أي آلائي عندكم وعند آبائكم لما كان نجاهم به من فرعون وقومه.
وحدثني المثنى، قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية في قوله: اذكروا نعمتي قال: نعمته أن جعل منهم الأنبياء والرسل، وأنزل عليهم الكتب.
وحدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم يعني نعمته التي أنعم على بني إسرائيل فيما سمى وفيما سوى ذلك، فجر لهم الحجر، وأنزل عليهم المن والسلوى، وأنجاهم عن عبودية آل فرعون.
وحدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: نعمتي التي أنعمت عليكم قال: نعمه عامة، ولا نعمة أفضل من الاسلام، والنعم بعد تبع لها. وقرأ قول الله يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم الآية. وتذكير الله الذين ذكرهم جل ثناؤه بهذه الآية من نعمه على لسان رسوله محمد (ص)، نظير تذكير موسى صلوات الله عليه أسلافهم على عهده الذي أخبر الله عنه أنه قال لهم.
وذلك قوله: وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين.