إنما عنى الله جل ثناؤه بذلك: أن لهم في الأرض مستقرا ومنزلا بأماكنهم ومستقرهم من الجنة والسماء، وكذلك قوله (ومتاع) يعني به أن لهم فيها متاعا بمتاعهم في الجنة.
القول في تأويل قوله تعالى: (ومتاع إلى حين).
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك فقال بعضهم: ولكم فيها بلاغ إلى الموت. ذكر من قال ذلك:
644 - حدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي في قوله: (ومتاع إلى حين) قال يقول: بلاغ إلى الموت.
645 - وحدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن إسرائيل، عن إسماعيل السدي، قال: حدثني من سمع ابن عباس: (ومتاع إلى حين) قال: الحياة.
وقال آخرون: يعني بقوله: (ومتاع إلى حين): إلى قيام الساعة. ذكر من قال ذلك:
646 - حدثني المثنى بن إبراهيم، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (ومتاع إلى حين) قال: إلى يوم القيامة إلى انقطاع الدنيا.
وقال آخرون إلى حين، قال: إلى أجل. ذكر من قال ذلك:
647 - حدثت عن عمار بن الحسن، قال: حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: (ومتاع إلى حين) قال: إلى أجل.
والمتاع في كلام العرب: كل ما استمتع به من شئ من معاش استمتع به أو رياش أو زينة أو لذة أو غير ذلك. فإذا كان ذلك كذلك، وكان الله جل ثناؤه قد جعل حياة كل حي متاعا له يستمتع بها أيام حياته، وجعل الأرض للانسان متاعا أيام حياته بقراره عليها، واغتذائه بما أخرج الله منها من الأقوات والثمار، والتذاذه بما خلق فيها من الملاذ وجعلها من بعد وفاته لجثته كفاتا (1)، ولجسمه منزلا وقرارا، وكان اسم المتاع يشمل جميع ذلك، كان أولى التأويلات بالآية، إذ لم يكن الله جل ثناؤه وضع دلالات دالة على أنه قصد بقوله:
(ومتاع إلى حين) بعضا دون بعض، وخاصا دون عام في عقل ولا خبر، أن يكون في معنى العام، وأن يكون الخبر أيضا كذلك إلى وقت يطول استمتاع بني آدم وبني إبليس بها،