وقال آخرون: بل خلقت قبل أن يسكن آدم الجنة. ذكر من قال ذلك:
596 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة عن ابن إسحاق، قال: لما فرغ الله من معاتبة إبليس أقبل على آدم وقد علمه الأسماء كلها، فقال: (يا آدم أنبئهم بأسمائهم) إلى قوله (إنك أنت العليم الحكيم). قال: ثم ألقى السنة (1) على آدم - ثم أخذ ضلعا من أضلاعه من شقه الأيسر ولام مكانه لحما وآدم نائم لم يهب من نومته حتى خلق الله من ضلعه تلك زوجته حواء، فسواها امرأة ليسكن إليها. فلما كشف عنه السنة وهب من نومته رآها إلى جنبه، فقال فيما يزعمون والله أعلم: لحمي ودمي وزوجتي. فسكن إليها. فلما زوجه الله تبارك وتعالى وجعل له سكنا من نفسه، قال له، فتلا: (يا آدم أسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين).
قال أبو جعفر: ويقال لامرأة الرجل زوجه وزوجته، والزوجة بالهاء أكثر في كلام العرب منها بغير الهاء، والزوج بغير الهاء يقال إنه لغة لأزد شنوءة: فأما الزوج الذي لا اختلاف فيه بين العرب فهو زوج المرأة (2).
القول في تأويل قوله تعالى: (وكلا منها رغدا حيث شئتما).
قال أبو جعفر: أما الرغد، فإنه الواسع من العيش، الهنئ الذي لا يعني صاحبه، يقال: أرغد فلان: إذا أصاب واسعا من العيش الهنئ، كما قال امرؤ القيس بن حجر:
بينما المرؤ تراه ناعما * يأمن الاحداث في عيش رغد 597 - وحدثني به موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسباط، عن السدي في خبر ذكره، عن أبي مالك، وعن أبي صالح عن ابن عباس، وعن مرة عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: (وكلا منها رغدا) قال: الرغد: الهنئ.