من الجنة بعد الاستكبار عن السجود لآدم، وأسكنها آدم قبل أن يهبط إبليس إلى الأرض، ألا تسمعون الله جل ثناؤه يقول: (وقلنا يا آدم أسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه). فقد تبين أن إبليس إنما أزلهما عن طاعة الله، بعد أن لعن وأظهر التكبر، لان سجود الملائكة لادم كان بعد أن نفخ فيه الروح، وحينئذ كان امتناع إبليس من السجود له، وعند الامتناع من ذلك لت عليه اللعنة. كما:
593 - حدثني به موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي في خبر ذكره، عن أبي مالك، وعن أبي صالح عن ابن عباس، وعن مرة عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أن عدو الله إبليس أقسم بعزة الله ليغوين آدم وذريته وزوجه، إلا عباده المخلصين منهم، بعد أن لعنه الله، وبعد أن أخرج من الجنة، وقبل أن يهبط إلى الأرض، وعلم الله آدم الأسماء كلها.
594 - وحدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: لما فرغ الله من إبليس ومعاتبته، وأبى إلا المعصية، وأوقع عليه اللعنة، ثم أخرجه من الجنة، أقبل على آدم وقد علمه الأسماء كلها، فقال: (يا آدم أنبئهم بأسمائهم) إلى قوله: (إنك أنت العليم الحكيم).
ثم اختلف أهل التأويل في الحال التي خلقت لادم زوجته والوقت الذي جعلت له سكنا. فقال ابن عباس بما:
595 - حدثني به موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط عن السدي في خبر ذكره عن أبي مالك، وعن أبي صالح عن ابن عباس، وعن مرة عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: فأخرج إبليس من الجنة حين لعن، وأسكن آدم الجنة، فكان يمشي فيها وحشا (1) ليس له زوج يسكن إليها. فنام نومة فاستيقظ، وإذا عند رأسه امرأة قاعدة خلقها الله من ضلعه، فسألها: من أنت؟ فقالت: امرأة، قال: ولم خلقت؟ قالت: تسكن إلي. قالت له الملائكة ينظرون ما بلغ علمه: ما اسمها يا آدم؟ قال:
حواء، قالوا: ولم سميت حواء؟ قال: لأنها خلقت من شئ حي. فقال الله له: (يا آدم أسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما). فهذا الخبر ينبئ عن أن حواء خلقت بعد أن سكن آدم الجنة فجعلت له سكنا.