629 - وحدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن أبي معشر، عن محمد بن قيس، قال: نهى الله آدم وحواء أن يأكلا من شجرة واحدة في الجنة ويأكلا منها رغدا حيث شاءا. فجاء الشيطان فدخل في جوف الحية، فكلم حواء، ووسوس الشيطان إلى آدم، فقال: (ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين) (1) قال: فعضت حواء الشجرة، فدميت الشجرة وسقط عنهما رياشهما الذي كان عليهما (وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين) (2) لم أكلتها وقد نهيتك عنها؟ قال: يا رب أطعمتني حواء. قال لحواء: لم أطعمته؟ قالت:
أمرتني الحية. قال للحية: لم أمرتها؟ قالت: أمرني إبليس. قال: ملعون مدحور! أما أنت يا حواء فكما أدميت الشجرة فتدمين في كل هلال. وأما أنت يا حية فأقطع قوائمك فتمشين جريا على وجهك، وسيشدخ رأسك من لقيك بالحجر، اهبطوا بعضكم لبعض عدو،.
قال أبو جعفر: وقد رويت هذه الأخبار عمن رويناها عنه من الصحابة والتابعين وغيرهم في صفة استزلال إبليس عدو الله آدم وزوجته حتى أخرجهما من الجنة.
وأولى ذلك بالحق عندنا، ما كان لكتاب الله موافقا، وقد أخبر الله تعالى ذكره عن إبليس أنه وسوس لادم وزوجته ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما، وأنه قال لهما:
(ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين) (3) وأنه قاسمهما إني لكما لمن الناصحين مدليا لهما بغرور. ففي اخباره جل ثناؤه عن عدو الله أنه قاسم آدم وزوجته بقيله لهما: (إني لكما لمن الناصحين) (4) الدليل الواضح على أنه قد باشر خطابهما بنفسه، إما ظاهرا لأعينهما، وإما مستجنا في غيره. وذلك أنه غير معقول في كلام العرب أن يقال: قاسم فلان فلانا في كذا وكذا، إذا سبب له سببا وصل به إليه دون أن يحلف له. والحلف لا يكون بتسبب السبب، فكذلك قوله: فوسوس إليه الشيطان، لو كان ذلك كان منه إلى آدم على نحو الذي منه إلى ذريته من تزيين أكل ما نهى الله آدم عن أكله من الشجرة بغير مباشرة خطابه إياه بما استزله به من القول والحيل، لما قال جل ثناؤه:
(وقاسمهما إني لكم لمن الناصحين) (4) كما غير جائز أن يقول اليوم قائل ممن أتى معصية: قاسمني إبليس أنه لي ناصح فيما زين لي من المعصية التي أتيتها، فكذلك الذي