لايمانهم مثلا. وإنما أراد بذلك أنهم كلما أضاء لهم الايمان وإضاءتهم لهم أن يروا فيه ما يعجبهم في عاجل دنياهم من النصرة على الأعداء، وإصابة الغنائم في المغازي، وكثرة الفتوح، ومنافعها، والثراء في الأموال، والسلامة في الأبدان والأهل والأولاد، فذلك إضاءته لهم، لأنهم إنما يظهرون بألسنتهم ما يظهرونه من الاقرار ابتغاء ذلك، ومدافعة عن أنفسهم وأموالهم وأهليهم وذراريهم، وهم كما وصفهم الله جل ثناؤه بقوله: (ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه) (1).
ويعني بقوله: (مشوا فيه) مشوا في ضوء البرق. وإنما ذلك مثل لإقرارهم على ما وصفنا. فمعناه: كلما رأوا في الايمان ما يعجبهم في عاجل دنياهم على ما وصفنا، ثبتوا عليه وأقاموا فيه، كما يمشي السائر في ظلمة الليل وظلمة الصيب الذي وصفه جل ثناؤه، إذا برقت فيها بارقة أبصر طريقه فيها، (وإذا أظلم) يعني ذهب ضوء البرق عنهم. ويعني بقوله: " عليهم ": على السائرين في الصيب الذي وصف جل ذكره، وذلك للمنافقين مثل.
ومعنى إظلام ذلك: أن المنافقين كلما لم يروا في الاسلام ما يعجبهم في دنياهم عند ابتلاء الله مؤمني عباده بالضراء وتمحيصه إياهم بالشدائد والبلاء من إخفاقهم في مغزاهم وإنالة عدوهم منهم، أو إدبار من دنياهم عنهم، أقاموا على نفاقهم وثبتوا على ضلالتهم كما قام السائر (2) في الصيب الذي وصف جل ذكره إذا أظلم وخفت ضوء البرق، فحار في طريقه فلم يعرف منهجه.
القول في تأويل قوله تعالى: (ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم).
قال أبو جعفر: وإنما خص جل ذكره السمع والابصار بأنه لو شاء أذهبها من المنافقين دون سائر أعضاء أجسامهم للذي جرى من ذكرها في الآيتين، أعني قوله: (يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق) وقوله: (يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه) فجرى ذكرها في الآيتين على وجه المثل. ثم عقب جل ثناؤه ذكر ذلك بأنه لو شاء أذهبه من المنافقين عقوبة لهم على نفاقهم وكفرهم، وعيدا من الله لهم، كما توعدهم في الآية التي قبلها بقوله: (والله محيط بالكافرين) واصفا بذلك جل ذكره نفسه أنه المقتدر عليهم وعلى جمعهم، لاحلال سخطه بهم، وإنزال نقمته عليهم، ومحذورهم بذلك سطوته، ومخوفهم به عقوبته، ليتقوا بأسه، ويسارعوا إليه بالتوبة. كما:
أذهبها من المنافقين دون سائر أعضاء أجسامهم للذي جرى من ذكرها في الآيتين، أعني قوله: يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق وقوله: يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه فجرى ذكرها في الآيتين على وجه المثل. ثم عقب جل ثناؤه ذكر ذلك بأنه لو شاء أذهبه من المنافقين عقوبة لهم على نفاقهم وكفرهم، وعيدا من الله لهم، كما توعدهم في الآية التي قبلها بقوله: والله محيط بالكافرين واصفا بذلك جل ذكره نفسه أنه المقتدر عليهم وعلى جمعهم، لاحلال سخطه بهم، وإنزال نقمته عليهم، ومحذرهم بذلك سطوته، ومخوفهم به عقوبته، ليتقوا بأسه، ويسارعوا إليه بالتوبة. كما: