أبي محمد، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال الله: يا أيها الناس اعبدوا ربكم للفريقين جميعا من الكفار والمنافقين، أي وحدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم.
وحدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، عن أسباط، عن السدي في خبر ذكره، عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرة، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي (ص): يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم يقول: خلقكم وخلق الذين من قبلكم.
قال أبو جعفر: وهذه الآية من أدل دليل على فساد قول من زعم أن تكليف ما لا يطاق إلا بمعونة الله غير جائز إلا بعد إعطاء الله المكلف المعونة على ما كلفه. وذلك أن الله أمر من وصفنا بعبادته والتوبة من كفره، بعد اخباره عنهم أنهم لا يؤمنون وأنهم عن ضلالتهم لا يرجعون.
القول في تأويل قوله تعالى: لعلكم تتقون.
قال أبو جعفر: وتأويل ذلك: لعلكم تتقون بعبادتكم ربكم الذي خلقكم، وطاعتكم إياه فيما أمركم به ونهاكم عنه، وإفرادكم له العبادة، لتتقوا سخطه وغضبه أن يحل عليكم، وتكونوا من المتقين الذين رضي عنهم ربهم.
وكان مجاهد يقول في تأويل قوله: لعلكم تتقون: تطيعون.
حدثنا ابن وكيع، قال: حدثني أبي عن سفيان، عن ابن نجيح عن مجاهد في قوله: لعلكم تتقون قال: لعلكم تطيعون.
قال أبو جعفر: والذي أظن أن مجاهدا أراد بقوله هذا: لعلكم أن تتقوا ربكم بطاعتكم إياه وإقلاعكم عن ضلالتكم.
قال أبو جعفر: فإن قال لنا قائل: فكيف قال جل ثناؤه: لعلكم تتقون؟ أو لم يكن عالما بما يصير إليه أمرهم إذا هم عبدوه وأطاعوه، حتى قال لهم: لعلكم إذا فعلتم ذلك أن تتقوا، فأخرج الخبر عن عاقبة عبادتهم إياه مخرج الشك؟ قيل له: ذلك على غير المعنى الذي توهمت، وإنما معنى ذلك: اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم، لتتقوه