عبدي من القرآن من عندي، فأتوا بسورة من كلامكم الذي هو مثله في العربية، إذ كنتم عربا، وهو بيان نظير بيانكم، وكلام شبيه كلامكم. فلم يكلفهم جل ثناؤه أن يأتوا بسورة من غير اللسان الذي هو نظير اللسان الذي نزل به القرآن، فيقدروا أن يقولوا: كلفتنا ما لو أحسناه أتينا به، وإنا لا نقدر على الاتيان به، لأنا لسنا من أهل اللسان الذي كلفتنا الاتيان به، فليس لك علينا حجة بهذا لأنا وإن عجزنا عن أن نأتي بمثله من غير ألسنتنا لأنا لسنا بأهله، ففي الناس خلق كثير من غير أهل لساننا يقدر على أن يأتي بمثله من اللسان الذي كلفتنا الاتيان به. ولكنه جل ثناؤه قال لهم: ائتوا بسورة مثله، لان مثله من الألسن ألسنتكم، وأنتم إن كان محمد اختلقه وافتراه، إذا اجتمعتم وتظاهرتم على الاتيان بمثل سورة منه من لسانكم وبيانكم أقدر على اختلاقه ووضعه وتأليفه من محمد (ص)، وإن لم تكونوا أقدر عليه منه فلن تعجزوا وأنتم جميع عما قدر عليه محمد من ذلك وهو وحده، إن كنتم صادقين في دعواكم وزعمكم أن محمدا افتراه واختلقه وأنه من عند غيري.
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين فقال ابن عباس بما:
حدثنا به محمد بن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة، أو عن سعيد، عن ابن عباس:
وادعوا شهداءكم من دون الله يعني أعوانكم على ما أنتم عليه، إن كنتم صادقين.
وحدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: وادعوا شهداءكم ناس يشهدون.
وحدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مثله.
وحدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع عن سفيان، عن رجل، عن مجاهد، قال:
قوم يشهدون لكم.
وحدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاح، عن ابن جريج، عن مجاهد: وادعوا شهداءكم قال: ناس يشهدون. قال ابن جريج: شهداءكم عليها إذا أتيتم بها أنها مثله مثل القرآن.
وذلك قول الله لمن شك من الكفار فيما جاء به محمد (ص). وقوله: فادعوا يعني