البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه) يقول: هذا المنافق، إذا كثر ماله وكثرت ماشيته وأصابته عافية قال: لم يصبني منذ دخلت في ديني هذا إلا خير، (وإذا أظلم عليهم قاموا) يقول: إذا ذهبت أموالهم وهلكت مواشيهم وأصابهم البلاء قاموا متحيرين.
385 - وحدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق بن الحجاج، عن عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس: (فيه ظلمات ورعد وبرق) قال: مثلهم كمثل قوم ساروا في ليلة مظلمة ولها مطر ورعد وبرق على جادة (3)، فلما أبرقت أبصروا الجادة فمضوا فيها، وإنما ذهب البرق تحيروا. وكذلك المنافق كلما تكلم بكلمة الاخلاص أضاء له، فإذا شك تحير ووقع في الظلمة فكذلك قوله: (كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا) ثم قال: في أسماعهم وأبصارهم التي عاشوا بها في الناس (ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم) قال أبو جعفر:
386 - وحدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثنا أبو تميلة، عن عبيد بن سليمان الباهلي، عن الضحاك بن مزاحم: (فيه ظلمات) قال: أما الظلمات فالضلالة، والبرق: الايمان.
387 - وحدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: حدثني عبد الرحمن بن زيد في قوله: (فيه ظلمات ورعد وبرق) فقرأ حتى بلغ: (إن الله على كل شئ قدير) قال:
هذا أيضا مثل ضربه الله للمنافقين، كانوا قد استناروا بالاسلام كما استنار هذا بنور هذا البرق.
388 - وحدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، قال: قال ابن جريج، ليس شئ في الأرض سمعه المنافق إلا ظن أنه يراد به وأنه الموت كراهية له، والمنافق أكره خلق الله للموت، كما إذا كانوا بالبراز (2) في المطر فروا من الصواعق.
389 - حدثنا عمرو بن علي، قال: حدثنا أبو معاوية، قال: حدثنا ابن جريج، عن عطاء في قوله: (أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق) قال: مثل ضرب للكفار.
وهذه الأقوال التي ذكرها عمن رويناها عنه، فإنها وإن اختلفت فيها ألفاظ قائليها متقاربات المعاني، لأنها جميعها تنبئ عن أن الله ضرب الصيب لظاهر إيمان المنافق مثلا،