ومثل ما فيه من ظلمات بضلالته، وما فيه من ضياء برق بنور إيمانه، واتقاءه من الصواعق بتصيير أصابعه في أذنيه بضعف جنانه ونخب (1) فؤاده من حلول عقوبة الله بساحته، ومشبه في ضوء البرق باستقامته على نور إيمانه، وقيامه في الظلام بحيرته في ضلالته وارتكاسه في عمهه.
فتأويل الآية إذا إذا كان الامر على ما وصفنا: أو مثل ما استضاء به المنافقون من قيلهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين بألسنتهم: آمنا بالله وباليوم الاخر وبمحمد وما جاء به، حتى صار لهم بذلك في الدنيا أحكام المؤمنين، وهم مع إظهارهم بألسنتهم ما يظهرون بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم، وما جاء به من عند الله وباليوم الاخر، مكذبون، ولخلاف ما يظهرون بالألسن في قلوبهم معتقدون، على عمى منهم وجهالة بما هم عليه من الضلالة لا يدرون أي الامرين اللذين قد شرعا لهم (فيه) (2) الهداية في الكفر الذي كانوا عليه قبل إرسال الله محمدا صلى الله عليه وسلم بما أرسله به إليهم، أم في الذي أتاهم به محمد صلى الله عليه وسلم من عند ربهم؟ فهم من وعيد الله إياهم على لسان محمد صلى الله عليه وسلم وجلون، وهم من وجلهم من ذلك في حقيقته شاكون في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا. كمثل غيث سرى ليلا من مزنة ظلماء وليلة مظلمة يحدوها (3) رعد ويستطير في حافاتها برق شديد لمعانه كثير خطرانه (4)، يكاد سنا برقه يذهب بالابصار، ويختطفها من شدة ضيائه ونور شعاعه وينهبط منها تارات صواعق تكاد تدع النفوس من شدة أهوالها زواهق. فالصيب مثل لظاهر ما أظهر المنافقون بألسنتهم من الاقرار والتصديق، والظلمات التي هي فيه لظلمات ما هم مستبطنون (5) من الشك والتكذيب ومرض القلوب. وأما الرعد والصواعق فلما هم عليه من الوجل من وعيد الله إياهم على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم في آي كتابه، إما في العاجل وإما في الاجل، أي يحل بهم مع شكهم في ذلك: هل هو كائن، أم غير كائن، وهل له حقيقة أم ذلك كذب وباطل؟ مثل.
فهم من وجلهم أن يكون ذلك حقا يتقونه بالاقرار بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم بألسنتهم مخافة على أنفسهم من ا لهلاك ونزول النقمات (6). وذلك تأويل قوله جل ثناؤه: (يجعلون أصابعهم