377 - وقد حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال: الصواعق ملك يضرب السحاب بالمخاريق (1) يصيب منه من يشاء.
قال أبو جعفر: وقد يحتمل أن يكون ما قاله علي بن أبي طالب وابن عباس ومجاهد بمعنى واحد، وذلك أن تكون المخاريق التي ذكر علي رضي الله عنه أنها هي البرق هي السياط التي هي من نور التي يزجي بها الملك السحاب، كما قال ابن عباس. ويكون إزجاء الملك السحاب: مصعه إياه بها، وذاك أن المصاع عند العرب أصله المجالدة بالسيوف، ثم تستعمله في كل شئ جولد (2) به في حرب وغير حر ب، كما قال أعشى بني ثعلبة وهو يصف جواري يلعبن بحليهن ويجالدن به:
إذا هن نازلن أقرانهن * وكان المصاع بما في الجون (3) يقال منه: ماصعه مصاعا. وكأن مجاهدا إنما قال: " مصع ملك "، إذ كان السحاب لا يماصع الملك، ب وإنما الرعد هو المماصع له، فجعله مصدرا من مصعه يمصعه مصعا، وقد ذكرنا ما في معنى الصاعقة ما قال شهر بن حوشب فيما مضى.
وأما تأويل الآية، فإن أهل التأويل مختلفون فيه. فروي عن ابن عباس في ذلك أقوال: أحدها ما:
378 - حدثنا به محمد بن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثنا محمد بن إسحاق ك، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: (أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت) أي هم من ظلمات ما هم فيه من الكفر والحذر من القتل - على الذي هم عليه من الخلاف، والتخوف منكم - على مثل ما وصف من الذي هو في ظلمة الصيب، فجعل أصابعه في أذنيه من الصواعق حذر الموت (يكاد البرق يخطف أبصارهم) أي لشدة ضوء الحق، (كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا) أي يعرفون الحق