ذلك معنى الكلام، فمعلوم أن قوله: صم بكم عمي يأتيه الرفع من وجهين، والنصب من وجهين. فأما أحد وجهي الرفع، فعلى الاستئناف لما فيه من الذم، وقد تفعل العرب ذلك في المدح والذم، فتنصب وترفع وإن كان خبرا عن معرفة، كما قال الشاعر:
لا يبعدن قومي الذين هم * سم العداة وآفة الجزر النازلين بكل معترك * والطيبين معاقد الأزر فيروي: النازلون والنازلين وكذلك الطيبون والطيبين، على ما وصفت من المدح. والوجه الآخر على نية التكرير من أولئك، فيكون المعنى حينئذ: أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين أولئك صم بكم عمي فهم لا يرجعون.
وأما أحد وجهي النصب، فأن يكون قطعا مما في مهتدين، من ذكر أولئك، لان الذي فيه من ذكرهم معرفة، والصم نكرة. والآخر أن يكون قطعا من الذين، لان الذين معرفة والصم نكرة. وقد يجوز النصب فيه أيضا على وجه الذم فيكون ذلك وجها