فقد دل بقول: " على المرأين إذ مضيا جميعا " أن بكاءه الذي أراد أن يبكيه لم يرد أن يقصد به أحدهما دون الاخر، بل أراد أن يبكيهما جميعا. فكذلك ذلك في قول الله جل ثناؤه: (أو كصيب من السماء) لما كان معلوما أن " أو " دالة في ذلك على مثل الذي كانت تدل عليه الواو، ولو كانت مكانها كان سواء نطق فيه ب " أو " أو بالواو. وكذلك وجه حذف المثل من قوله: (أو كصيب) لما كان قوله: (كمثل الذين استوقد نارا) دالا على أن معناه: كمثل صيب، حذف المثل واكتفى بدلالة ما مضى من الكلام في قوله: (كمثل الذي استوقد نارا) على أن معناه: أو كمثل صيب، من إعادة ذكر المثل طلب الايجاز والاختصار.
القول في تأويل قوله تعالى: (فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا).
قال أبو جعفر: فأما الظلمات فجمع، واحدها ظلمة، وأما الرعد فإن أهل العلم اختلفوا فيه، فقال بعضهم: هو ملك يزجر السحاب. ذكر من قال ذلك:
351 - حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة بن الحكم، عن مجاهد، قال: الرعد ملك يزجر السحاب بصوته.
* - وحدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة عن الحكم عن مجاهد مثله.
* - وحدثني يحيى بن طلحة اليربوعي، قال: حدثنا فضيل بن عياض، عن ليث، عن مجاهد مثله.
352 - وحدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم قال: أنبأنا إسماعيل بن سالم عن أبي صالح، قال: الرعد ملك من الملائكة يسبح.