فإن الذي حانت بفلج دماؤهم * هم القوم كل القوم يا أم خالد (1) قال أبو جعفر: والقول الأول هو القول لما وصفنا من العلة، وقد أغفل قائل ذلك فرق ما بين الذي في الآيتين وفي البيت، لان " الذي " في قوله: (والذي جاء بالصدق) قد جاءت الدلالة على أن معناها الجمع، وهو قوله: (أولئك هم المتقون) وكذلك الذي في البيت، وهو قوله: دماؤهم. وليست هذه الدلالة في قوله: (كمثل الذي استوقد نارا).
فذلك فرق ما بين (الذي) في قوله: (كمثل الذي استوقد نارا) وسائر شواهده التي استشهد بها على أن معنى " الذي " في قوله: (كمثل الذي استوقد نارا) بمعنى الجماعة، وغير جائز لاحد نقل الكلمة التي هي الأغلب في استعمال العرب على معنى إلى غيره إلا بحجة يجب التسليم لها.
ثم اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فروي عن ابن عباس فيه أقوال: أحدها ما:
326 - حدثنا به محمد بن حميد، قال: حدثنا سلمة عن ابن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد، عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال ضرب الله للمنافقين مثلا فقال: (مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون) أي يبصرون الحق ويقولون به، حتى إذا خرجوا به من ظلمة الكفر أطفأوه بكفرهم ونفاقهم فيه، فتركهم في ظلمات الكفر فهم لا يبصرون هدى ولا يستقيمون على حق. والاخر ما.
327 - حدثنا به المثنى به إبراهيم، قال: حدثنا أبو صالح، قال: حدثنا معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: (مثلهم كمثل الذي استوقد نارا) إلى آخر الآية. هذا مثل ضربه الله للمنافقين أنهم كانوا يعتزون بالاسلام فيناكحهم المسلمون ويوارثونهم ويقاسمونهم الفئ، فلما ماتوا سلبهم الله ذلك كما سلب صاحب النار ضوءه وتركهم في ظلمات، يقول في عذاب. والثالث ما:
328 - حدثني به موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسباط، عن السدي في خبر ذكره عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرة، عن ابن