القول في تأويل قوله تعالى: فزادهم الله مرضا.
قد دللنا آنفا على أن تأويل المرض الذي وصف الله جل ثناؤه أنه في قلوب المنافقين:
هو الشك في اعتقادات قلوبهم وأديانهم وما هم عليه في أمر محمد رسول الله (ص) وأمر نبوته وما جاء به مقيمون.
فالمرض الذي أخبر الله جل ثناؤه عنهم أنه زادهم على مرضهم هو نظير ما كان في قلوبهم من الشك والحيرة قبل الزيادة، فزادهم الله بما أحدث من حدوده وفرائضه التي لم يكن فرضها قبل الزيادة التي زادها المنافقين من الشك والحيرة إذ شكوا وارتابوا في الذي أحدث لهم من ذلك إلى المرض والشك الذي كان في قلوبهم في السالف من حدوده وفرائضه التي كان فرضها قبل ذلك، كما زاد المؤمنين به إلى إيمانهم الذي كانوا عليه قبل ذلك بالذي أحدث لهم من الفرائض والحدود إذ آمنوا به، إلى إيمانهم بالسالف من حدوده وفرائضه إيمانا. كالذي قال جل ثناؤه في تنزيله: * (وإذا أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون) * فالزيادة التي زيدها المنافقون من الرجاسة إلى رجاستهم هو ما وصفنا، والزيادة التي زيدها المؤمنون إلى إيمانهم هو ما بينا، وذلك هو التأويل المجمع عليه. ذكر بعض من قال ذلك من أهل التأويل:
277 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت. عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس:
فزادهم الله مرضا قال: شكا.
278 - حدثني موسى بن هارون، قال: أخبرنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط عن السدي في خبر ذكره عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي (ص): فزادهم الله مرضا يقول:
فزادهم الله ريبة وشكا.