283 - حدثنا يعقوب، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا جويبر، عن الضحاك قال:
الأليم، الموجع.
284 - وحدثت عن المنجاب بن الحارث، قال: حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك في قوله أليم قال: هو العذاب الموجع، وكل شئ في القرآن من الأليم فهو الموجع.
القول في تأويل قوله تعالى: بما كانوا يكذبون.
اختلفت القراءة في قراءة ذلك، فقرأه بعضهم: بما كانوا يكذبون مخففة الذال مفتوحة الياء، وهي قراءة معظم أهل الكوفة. وقرأه آخرون: يكذبون بضم الياء وتشديد الذال، وهي قراءة معظم أهل المدينة والحجاز والبصرة. وكأن الذين قرأوا ذلك بتشديد الذال وضم الياء رأوا أن الله جل ثناؤه إنما أوجب للمنافقين العذاب الأليم بتكذيبهم نبيهم محمدا (ص) وبما جاء به، وأن الكذب لولا التكذيب لا يوجب لاحد اليسير من العذاب، فكيف بالأليم منه؟
وليس الامر في ذلك عندي كالذي قالوا وذلك أن الله عز وجل أنبأ عن المنافقين في أول النبأ عنهم في هذه السورة بأنهم يكذبون بدعواهم الايمان وإظهارهم ذلك بألسنتهم خداعا لله عز وجل ولرسوله وللمؤمنين، فقال: * (ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين يخادعون الله والذين آمنوا) * بذلك من قيلهم مع استسرارهم الشك والريبة، وما يخدعون بصنيعهم ذلك إلا أنفسهم دون رسول الله (ص) والمؤمنين، وما يشعرون بموضع خديعتهم أنفسهم واستدراج الله عز وجل إياهم بإملائه لهم في قلوبهم شك أي نفاق وريبة، والله زائدهم شكا وريبة بما كانوا يكذبون الله ورسوله والمؤمنين بقولهم بألسنتهم: آمنا بالله وباليوم الآخر وهم في قيلهم ذلك كذبة لاستسرارهم الشك والمرض في اعتقادات قلوبهم. في أمر الله وأمر رسوله (ص)، فأولى في حكمة الله جل جلاله أن يكون الوعيد منه لهم على ما افتتح به الخبر عنهم من قبيح أفعالهم وذميم أخلاقهم، دون ما لم يجز له ذكر من أفعالهم إذ كان سائر آيات تنزيله بذلك نزل.
وهو أن يفتتح ذكر محاسن أفعال قوم ثم يختم ذلك بالوعيد على ما افتتح به ذكره من أفعالهم، ويفتتح ذكر مساوئ أفعال آخرين ثم يختم ذلك بالوعيد على ما ابتدأ به ذكره من أفعالهم. فكذلك الصحيح من القول في الآيات التي افتتح فيها ذكر بعض مساوئ أفعال المنافقين أن يختم ذلك بالوعيد على ما افتتح به ذكره من قبائح أفعالهم، فهذا مع دلالة الآية