عن أبيه، عن الربيع بن أنس: وإذا خلوا إلى شياطينهم قال إخوانهم من المشركين، قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزءون.
302 - حدثنا القاسم بن الحسن، قال: حدثنا الحسين بن داود، قال: حدثني حجاج، قال: قال ابن جريج في قوله: وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا قال: إذا أصاب المؤمنين رخاء، قالوا: إنا نحن معكم إنما نحن إخوانكم، وإذا خلوا إلى شياطينهم استهزءوا بالمؤمنين.
حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال مجاهد: شياطينهم: أصحابهم من المنافقين والمشركين.
فإن قال لنا قائل: أرأيت قوله: وإذا خلوا إلى شياطينهم فكيف قيل خلوا إلى شياطينهم ولم يقل خلوا بشياطينهم؟ فقد علمت أن الجاري بين الناس في كلامهم خلوت بفلان أكثر وأفشى من خلوت إلى فلان، ومن قولك: إن القرآن أفصح البيان!
قيل: قد اختلف في ذلك أهل العلم بلغة العرب، فكان بعض نحويي البصرة يقول: يقال خلوت إلى فلان، إذا أريد به: خلوت إليه في حاجة خاصة لا يحتمل إذا قيل كذلك إلا الخلاء إليه في قضاء الحاجة. فأما إذا قيل: خلوت به احتمل معنيين: أحدهما الخلاء به في الحاجة، والآخر: في السخرية به، فعلى هذا القول وإذا خلوا إلى شياطينهم لا شك أفصح منه لو قيل: وإذا خلوا بشياطينهم لما في قول القائل: إذا خلوا بشياطينهم من التباس المعنى على سامعيه الذي هو منتف عن قوله: وإذا خلوا إلى شياطينهم فهذا أحد الأقوال. والقول الآخر أن توجيه معنى قوله: وإذا خلوا إلى شياطينهم أي إذا خلوا مع شياطينهم، إذ كانت حروف الصفات يعاقب بعضها بعضا كما قال الله مخبرا عن عيسى ابن مريم أنه قال للحواريين: من أنصاري إلى الله يريد مع الله، وكما توضع على في موضع من وفي وعن والباء، كما قال الشاعر:
إذا رضيت علي بنو قشير * لعمر الله أعجبني رضاها