وأجيب بأن القرآن الذي بين أيدينا قد جمع في عصر النبي (صلى الله عليه وآله) وفي حياته، وكانت المصاحف تكتب من ذلك الذي جمع في زمانه (صلى الله عليه وآله)، لا من صدور الصحابة بشهادة شاهدين، أو شاهد واحد إذا كان ذا الشهادتين. وكان للنبي (صلى الله عليه وآله) كتاب يكتبون الوحي القرآني، ويؤلفون القرآن من الرقاع بين يديه. وأما أبو بكر فإنما أمر زيدا بجمع الأوراق المتفرقة في الرقاع في مصحف واحد.
قال أبو شامة: وكان غرضهم أن لا يكتب إلا من عين ما كتب بين يدي النبي (صلى الله عليه وآله) لا من مجرد الحفظ (1). وقد قدمنا القول في بحث " من جمع القرآن؟ " فراجع.
3 - إنه قد ذكر أكثر أهل السنة وجماعة من الشيعة أن النسخ على ثلاثة أقسام:
أحدها نسخ التلاوة، ورووا أخبارا كثيرة دالة على وجود آيات قرآنية ليس في هذا القرآن الموجود منها عين ولا أثر، ويقولون: إنها مما نسخت تلاوته. ونذكر منها آية واحدة على سبيل المثال:
فقد روى مسلم بسنده عن عائشة أنها قالت: كان فيما انزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهن فيما يقرأ من القرآن (2).
قال في هامش صحيح مسلم: العبارة قاصرة عما أراده، فإن مراده أن عشر رضعات نسخن بخمس رضعات تلاوة وحكما، ثم نسخ هذا الناسخ وبقي حكمه، كآية الرجم.
قال المستدل: هذه الرواية ونظائرها تدل على سقوط آيات من القرآن، وحيث إنا لا نقول بنسخ التلاوة تعين القول بسقوطها منه عمدا، أو عن غير عمد.
والجواب: أنه إذا ثبت نسخ التلاوة عن النبي (صلى الله عليه وآله) فنحن نقبله، وإن لم يثبت فاللازم هو حمل هذه الروايات على أن المراد هو أن هذه الكلمات مثل قوله