ذكرها في الإتقان، وكان أحسنها بنظر السيوطي هو: ما أخرجه عبد الرزاق في تفسيره والحاكم في مستدركه عن ابن عباس أنه كان يقرأ: " وما يعلم تأويله إلا الله ويقول الراسخون في العلم آمنا به ".
ثم قال السيوطي: فهذا يدل على أن الواو للاستئناف، لأن هذه الرواية إن لم تثبت بها القراءة فأقل درجتها أن تكون جبرا بإسناد صحيح إلى ترجمان القرآن، فيقدم كلامه في ذلك على من دونه (1).
وفيه (أولا) أنه معارض بما رواه مجاهد عن ابن عباس في قوله: " وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم " قال: إنا ممن يعلمون تأويله (2). فيستفاد من هذا أنه لا يقف عند قوله " إلا الله " بل هو يعطف قوله " والراسخون في العلم " عليه، حتى يفيد أن الراسخين في العلم عالمون بالتأويل أيضا، ليصح قوله: إنا ممن يعلمون تأويله.
(وثانيا) إننا لو سلمنا جواز قراءة القرآن بالقراءات المختلفة لكننا لا نسلم جواز الاستدلال بها، واعتبارها كلها من القرآن، بل القرآن واحد نزل من واحد، ولكن الاختلاف يجئ من قبل الرواة، كما في الحديث (3)، وقد قدمنا البحث عن هذا في مقال سابق (4).
وأيد ذلك أيضا بأن الآية إنما دلت على ذم متبعي المتشابه ووصفهم بالزيغ وابتغاء الفتنة، وعلى مدح الذين فوضوا علم ذلك إلى الله وسلموا إليه.
ويرد هذا التأييد بأن الذم في الآية إنما يوجه إلى من اتبع المتشابهات قبل أن يعرف منها شيئا، وأما إذا عرفها وأرجعها إلى المحكمات أو فسرها بما يروى عن النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة بعده (عليهم السلام) ثم عمل بها فالآية لا تذمه ولا تتعرض له بشئ أصلا.