لكننا مسحورون أو ممنوعون عن ذلك، لا أن يقولوا: إنه سحر، أو أساطير الأولين، حيث إن معنى هذا هو أنهم قبلوا أنهم لا يقدرون على الإتيان بمثله، لأنه أساطير الأولين أو سحر.
3 - قوله تعالى * (فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما انزل بعلم الله) * (1).
فهذه الآية تدل على أنه إذا كان الكلام القرآني خارجا عن قدرتهم فيكون إذا منزلا من قبل الله القادر، لا أنهم إذا منعوا عن الإتيان بمثله كشف ذلك المنع عن كونه من الله تعالى، ككشف العصا عن كون موسى (عليه السلام) نبيا.
فتلخص: أن ظواهر الآيات تؤيد قول من يقول: إن إعجاز القرآن ليس من جهة الصرفة والمنع. وثمة وجوه أخرى ذكروها لإبطال القول بالصرفة، لم نذكرها اكتفاء بما ذكرناه من دلالة الآيات القرآنية نفسها على خلافها، فمن أراد الاطلاع على سائر الردود فليراجع مظان وجودها. هذا كله بالإضافة إلى ضعف نفس ما استدلوا به على القول بالصرفة فإنهم قد استدلوا بوجهين:
الأول أن فصحاء العرب كانوا يعرفون المفردات القرآنية، وكانوا أيضا قادرين على صياغة بعض الجمل التركيبية القرآنية، مثل: الحمد لله رب العالمين، وهذا معناه أنهم يقدرون على الإتيان بمثل السورة أيضا.
وأجيب عنه بأن حكم الجملة والسورة قد يخالف حكم الأجزاء.
الثاني: أن الصحابة كانوا عند جمع القرآن يتوقفون في إثبات بعض السور والآيات إلى أن يشهد الثقات على أنها من القرآن، وقد بقي ابن مسعود مترددا في الفاتحة والمعوذتين.
وأجيب عنه بما تقدم منا من أن الجمع للقرآن إنما كان في زمان النبي (صلى الله عليه وآله) (2) مضافا إلى أن الإعجاز ليس مما يظهر لكل أحد.