معارض بغيره مما يدل على أنه (صلى الله عليه وآله) لم يكن يعرف الكتابة، بل أمر عليا أن يكتب، وأن يأخذ يده ويضعها على المورد الذي يريد محوه.
قال المفيد (رحمه الله): إن النبي (صلى الله عليه وآله) أمر عليا أن يكتب عقد الصلح بخطه، فقال: اكتب يا علي: بسم الله الرحمن الرحيم، فقال سهيل بن عمرو: هذا الكتاب بيننا وبينك يا محمد، فافتحه بما نعرفه، واكتب: باسمك اللهم. فقال النبي لأمير المؤمنين (عليه السلام):
امح ما كتبت، واكتب: باسمك اللهم. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): لولا طاعتك يا رسول الله، لما محوت " بسم الله الرحمن الرحيم " ثم محاها، وكتب: باسمك اللهم، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): اكتب هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو، فقال سهيل: لو أجبتك في الكتاب الذي بيننا إلى هذا لأقررت لك بالنبوة... امح هذا - إلى أن قال: - فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): امحها يا علي، فقال: يا رسول الله، إن يدي لا تنطلق بمحو اسمك من النبوة، قال له: فضع يدي عليها، فمحاها رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيده... ثم تمم أمير المؤمنين (عليه السلام) الكتاب (1).
وظاهر هذا النقل أن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يكن يعرف القراءة فضلا عن الكتابة. ولعل مما يدل على ذلك في الجملة أيضا قوله تعالى * (وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون) * (2) أي لو كنت تقرأ وتكتب كتابا لقالوا إنما جمعه من كتب الأولين وليس وحيا من الله عز وجل وشكوا في نبوتك. أما إذا كنت لا تقدر على القراءة والكتابة وأنت تعيش فيما بينهم وبمرأى منهم ومسمع وهم مطلعون على أميتك فلا مجال لهم للارتياب والشك في الكتاب الذي تأتيهم به من عند الله عز وجل. ولكان لابد لهم من تصديقك والقبول منك.
ولا تفوتنا هنا الإشارة إلى أن المتيقن من مدلول الآية هو أنه (صلى الله عليه وآله) في بدء أمره لابد وأن لا يعرف القراءة ولا الكتابة مخافة الريب والشك. وأما بعد ثبوت نبوته والتصديق به فلا تدل الآية على وجوب كونه أميا.