التثقيل قوله: (فقد كذبت رسل من قبلك)، وقوله: (ألا كذب الرسل). وأما من خفف فقال: (كذبوا) فهو من قولهم كذبتك الحديث أي: لم أصدقك. وفي التنزيل: (وقعد الذين كذبوا الله ورسوله) وقياسه إذا اعتبر الخلاف أن يتعدى إلى مفعولين، كما تعدى (صدق) في قوله (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق) وقال الأعشى.
فصدقته، وكذبته، والمرء ينفعه كذابه قال سيبويه: كذب يكذب كذبا، وقالوا: كذابا، فجاؤوا به على فعال. وقد خففه الأعشى، وقال ذو الرمة:
وقد حلفت بالله مية ما الذي أقول لها إلا الذي أنا كاذبه (1) والضمير الذي في قوله وظنوا أنهم كذبوا للمرسل إليهم، وظن المرسل إليهم أن الرسل قد كذبوهم فيما أخبروهم به، من أنهم إن لم يؤمنوا أنزل بهم العذاب، وإنما ظنوا ذلك لما شاهدوه من إمهال الله إياهم، وإملائه لهم. فإن قلت: كيف يجوز أن يحمل الضمير في (ظنوا) على أنه للمرسل إليهم الرسل، والذين قد تقدم ذكرهم الرسل دون المرسل إليهم؟ قيل: إن ذلك لا يمتنع لأن ذكر الرسل يدل على المرسل إليهم لمقاربة أحد الإسمين الآخر، ولما في لفظ الرسل من الدلالة على المرسل إليهم، وقد قال الشاعر:
أمنك البرق أرقبه فهاجا فبت أخاله دهما خلاجا أي: بت أخال الرعد صوت دهم، فأضمر الرعد، ولم يجر له ذكر، لدلالة البرق عليه، لمقاربة لفظ كل واحد منهما للآخر. وفي التنزيل (سرابيل تقيكم الحر) واستغنى عن ذكر البرد، لدلالة الحر عليه. وإن شئت قلت: إن ذكرهم قد جرى في قوله (أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم) فيكون الضمير للذين من قبلهم من مكذبي رسل الله، فإن ذهب ذاهب إلى أن المعنى ظن الرسل أن الذي وعد الله سبحانه أممهم على لسانهم قد كذبوا به، فقد أتى عظيما لا يجوز أن ينسب مثله إلى الأنبياء، ولا إلى صالحي عباد الله تعالى، وكذلك من