لو قلت كنت زيدا من الضاربين، لم يجز، لأن زيدا من صلة الضاربين، ولا تتقدم الصلة على الموصول.
المعنى: ثم أخبر سبحانه عن حال يوسف بعد إلقائه في الجب، فقال:
(وجاءت سيارة) أي: جماعة مارة، قالوا: وإنما جاءت من قبل (مدين) يريدون مصر، فأخطأوا الطريق، فانطلقوا يهيمون على غير الطريق، حتى نزلوا قريبا من الجب، وكان الجب في قفرة بعيدة عن العمران، وإنما هو للرعاة والمجتازة. وكان ماؤه ملحا فعذب. وقيل: كان الجب بظهر الطريق (فأرسلوا واردهم) أي: فبعثوا من يطلب لهم الماء، يقال بعثوا رجلا يقال له مالك بن زعر ليطلب لهم الماء (فأدلى دلوه) أي: أرسل دلوه في البئر ليستقي، فتعلق يوسف عليه السلام بالحبل. فلما خرج إذا هو بغلام أحسن ما يكون من الغلمان. قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أعطي يوسف شطر الحسن، والنصف الآخر لسائر الناس. وقال كعب الأحبار: وكان يوسف حسن الوجه، جعد الشعر، ضخم العين، مستوي الخلق، أبيض اللون، غليظ الساقين والعضدين، خميص البطن، صغير السرة، وكان إذا تبسم رأيت النور في ضواحكه، وإذا تكلم رأيت في كلامه شعاع النور يلتهب عن ثناياه، ولا يستطيع أحد وصفه، وكان حسنه كضوء النهار عند الليل، وكان يشبه آدم عليه السلام يوم خلقه الله، عز وجل، وصوره، ونفخ فيه من روحه، قبل أن يصيب المعصية. ويقال: إنه ورث ذلك الجمال من جدته سارة، وكانت قد أعطيت سدس الحسن.
فلما رآه المدلي (قال يا بشرى هذا غلام) عن قتادة، والسدي. وقيل: إنه نظر في البئر لما ثقل عليه الدلو، فرأى يوسف عليه السلام، فقال: هذا غلام! فأخرجوه، عن الجبائي. وقيل: إن بشرى رجل من أصحابه ناداه، عن السدي. (وأسروه بضاعة) أي: وأسر يوسف الذين وجدوه من رفقائهم من التجار، مخافة أن يطلبوا منهم الشركة معهم في يوسف، فقالوا: هذا بضاعة، لأهل الماء دفعوه إلينا لنبيعه لهم، عن مجاهد، والسدي. وقيل: معناه وأسر إخوته يكتمون أنه أخوهم، فقالوا: هو عبد لنا قد أبق، واختفى منا في هذا الموضع، وقالوا له بالعبرانية: لئن قلت أنا أخوهم قتلناك! فتابعهم على ذلك لئلا يقتلوه، عن ابن عباس.
(والله عليم بما يعملون) أي: بما يعمل إخوة يوسف (وشروه بثمن بخس) اي. باعوه بثمن ناقص قليل، عن عكرمة، والشعبي. وقيل: حرام، لأن ثمن الحر