إلى مفعول ثان. ومن كسر النون هاهنا فإنه يدل على تعدية السؤال إلى مفعولين أحدهما: اسم المتكلم، والآخر اسم الموصول. وحذفت النون المتصلة بياء المتكلم لاجتماع النونات، كما حذفت النون من قولهم اني كذلك. وكما حذفت النون من قوله (يسوء الفاليات إذا فليني) (1). وأما إثبات الياء في الوصل، فهو الأصل، وحذفها أخف، والكسرة تدل عليها.
الاعراب: قوله: (ما ليس لك به علم) يحتمل قوله به في الآية وجهين أحدهما: أن يكون كقوله (كان جزائي بالعصا أن أجلدا) إذا قدمت بالعصا، وكقوله (وكانوا فيه من الزاهدين وإني لكما لمن الناصحين وأنا على ذلكم من الشاهدين) وزعم أبو الحسن أن ذلك إنما يجوز في حروف الجر، والتقدير فيه التعليق بمضمر يفسره هذا الذي ظهر بعد، وإن كان لا يجوز تسلطه عليه. ومثل ذلك قوله (يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين) فانتصب (يوم يرون) بما دل عليه، لا بشرى يومئذ. ولا يجوز لما بعد لا هذه أن يتسلط على (يوم يرون) وكذلك (اني لكما لمن الناصحين) متعلق بما دل عليه النصح المظهر، والتقدير إني ناصح لكما لمن الناصحين، وكذلك به في قوله (ما ليس لك به علم) يتعلق بما يدل عليه قوله علم الظاهر، وإن لم يجز أن يعمل فيه. والوجه الآخر أن يكون متعلقا بالمستقر، وهو العامل فيه كتعلق الظرف بالمعاني، كما تقول ليس لك فيه رضا، فيكون به في الآية بمنزلة فيه، والعلم يراد به العلم المتيقن الذي يعلم به الشئ على الحقيقة، ليس العلم الذي يعلم به الشئ على ظاهره، كالذي في قوله (فإن علمتموهن مؤمنات) ونحو ما يعلمه الحاكم بشهادة الشاهدين، واقرار المقر بما يدعي، ونحو ذلك مما يعلم به العلم الظاهر الذي يسع الحاكم الحكم بالشئ معه. (تلك من أنباء الغيب) تلك: مبتدأ. ومن أنباء الغيب: الخبر. ونوحيها إليك: خبر ثان.
وإن شئت كان في موضع الحال أي: تلك كائنة من أنباء الغيب، موحاة إليك. وإن شئت كان تلك: مبتدأ، ونوحيها: الخبر. والجار من صلة نوحيها: أي تلك نوحيها إليك من أنباء الغيب. ولا يجوز أن يكون من زيادة على تقدير تلك أنباء الغيب، لأنها لا تزاد في الموجب، ويجوز على قول الأخفش.