الإجابة والطاعة: إن الطاعة موافقة الإرادة الجاذبة إلى الفعل برغبة أو رهبة.
والإجابة: موافقة الداعي إلى الفعل من أجل أنه دعا به الاعراب: (أن يقولوا): في موضع نصب بأنه مفعول له، وتقديره كراهة أن يقولوا، فحذف المضاف. وقيل: أن يقولوا في موضع جر بدلا من الهاء في قوله:
(ضائق به صدرك) (أم يقولون افتراه). أم هذه منقطعة ليست بالمعادلة، وتقديره بل أيقولون افتراه، وهو تقرير بصورة الاستفهام.
النزول: روي عن ابن عباس: إن رؤساء مكة من قريش، أتوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يا محمد! إن كنت رسولا، فحول لنا جبال مكة ذهبا، أو ائتنا بملائكة يشهدون لك بالنبوة. فأنزل الله تعالى (فلعلك تارك) الآية. وروى العياشي بإسناده عن أبي عبد الله عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لعلي عليه السلام: إني سألت ربي أن يؤاخي بيني وبينك ففعل، وسألت ربي أن يجعلك وصيي ففعل، فقال بعض القوم: والله لصاع من تمر في شن بال، أحب الينا مما سأل محمد ربه، فهلا سأله ملكا يعضده على عدوه، أو كنزا يستعين به على فاقته! فنزلت الآية.
المعنى: ثم أمر سبحانه رسوله بالثبات على الأمر، وحثه على حجاج القوم بما يقطع العذر، فقال: (فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك) أي: ولعلك تارك بعض القرآن، وهو ما فيه سب آلهتهم، ولا تبلغهم إياه دفعا لشرهم، وخوفا منهم (وضائق به صدرك) أي: ولعلك يضيق صدرك مما يقولونه. بما يلحقك من أذاهم، وتكذيبهم. وقيل: باقتراحاتهم (أن يقولوا) أي: كراهة أن يقولوا، أو مخافة أن يقولوا (لولا أنزل عليه كنز) من المال (أو جاء معه ملك) يشهد له، فليس قوله (فلعلك) على وجه الشك، بل المراد به النهي عن ترك أداء الرسالة، والحث على أدائها، كما يقول أحدنا لغيره، وقد علم من حاله أنه يطيعه، ولا يعصيه، ويدعوه غيره إلى عصيانه: لعلك تترك بعض ما آمرك به لقول فلان. وإنما يقول ذلك ليوئس من يدعوه إلى ترك أمره، فمعناه لا تترك بعض ما يوحى إليك، ولا يضق صدرك بسبب مقالتهم هذه (إنما أنت نذير) أي: منذر (والله على كل شئ وكيل) أي:
حفيظ يجلب النفع إليه، يدفع الضرر عنه (أم يقولون افتراه) معناه: بل أيقولون اختلق القرآن واخترعه، وأتى به من عند نفسه. وقيل: إن ههنا محذوفا، وتقديره:
أيكذبونك فيما أتيتهم به من القرآن، أم يقولون افتريته على ربك، وحذف لدلالة ما