يدعون من دون الله شركاء إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون (66) هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا إن في ذلك لأيات لقوم يسمعون (67).
اللغة: الفرق بين الجعل والفعل: إن جعل الشئ يكون بإحداث غيره، كجعل الطين خزفا، ولا يكون فعله إلا بإحداثه. والفرق بين الجعل والتغيير: إن تغيير الشئ لا يكون إلا بتصييره على خلاف ما كان، وجعله يكون بتصييره على مثل ما كان، كجعل الانسان نفسه ساكنا على استدامة الحال. وإنما قال: (والنهار مبصرا) وإنما يبصر فيه تشبيها ومجازا واستعارة في صفة الشئ بسببه على وجه المبالغة، كما يقال: سر كاتم، وليل نائم. ومثله قول جرير:
لقد لمتنا أم غيلان في السرى، ونمت وما ليل المطي بنائم وقال رؤبة: (قد نام ليلي، وتجلى همي).
المعنى: لما سلى الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: (ولا يحزنك قولهم) فإنهم لا يفوتونني، بين بعد ذلك ما يدل على صحته، فقال: (ألا إن لله من في السماوات ومن في الأرض) يعني العقلاء، وإذا كان له ملك العقلاء فما عداهم تابع لهم، وإنما خص لعقلاء تفخيما (وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء) يحتمل ما هاهنا وجهين (أحدهما): أن يكون بمعنى أي شئ، فكأنه قال: وأي شئ يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء، تقبيحا لفعلهم. (والآخر): أن يكون نافية أي:
وما يتبعون شركاء في الحقيقة. ويحتمل وجها ثالثا وهو أن يكون (ما) بمعنى الذي، ويكون منصوبا بالعطف على (من). ويكون التقدير: والذي يتبع الأصنام الذين يدعونهم من دون الله شركاء، فحذف العائد من الصلة، و (شركاء) حال من ذلك المحذوف. وإن جعلت (ما) نفيا فقوله (شركاء) ينتصب بيدعونه، والعائد إلى (الذين) الواو في (يدعون)، ويكون قوله (إن يتبعون) مكررا لطول الكلام.
وتقف في هذا القول على قوله (ومن في الأرض) وفي ذلك القول على قوله (شركاء).
(إن يتبعون إلا الظن) أي: ليس يتبعون في اتخاذهم مع الله شركاء إلا