القراءة: قرأ الكسائي: (وما يعزب) بكسر الزاي هنا، وفي سبأ، وهو قراءة الأعمش، ويحيى بن وثاب. وقرأ الباقون: بضم الزاي. وقرأ حمزة، وخلف، ويعقوب، وسهل: (ولا أصغر ولا أكبر) بالرفع. والباقون: بفتحها.
الحجة: يعزب ويعزب لغتان صحيحتان. ومن فتح الزاي من أصغر وأكبر، فلأن أفعل في الموضعين في موضع جر على تقدير ما يعزب عن ربك من مثقال ذرة، ولا مثقال أصغر من ذلك، ولا أكبر. وإنما فتح لأنه غير منصرف. وإنما منع الصرف لأن الفعل إذا اتصل به (من) كان صفة، وإذا كان صفة لم ينصرف في النكرة. ومن رفع حمله على موضع الجار والمجرور الذي هو من مثقال ذرة، فإنه في موضع رفع، كما كانا في قوله: (وكفى بالله) ويجوز رفعه من جهة أخرى على الابتداء، ويكون الخبر قوله: (إلا في كتاب مبين).
اللغة: الشأن: اسم يقع على الأمر والحال، تقول: ما شأنك؟ وما بالك؟ وما حالك؟ والإفاضة: الدخول في العمل على جهة الانصباب إليه، مأخوذ من فيض الإناء: إذا انصب الماء من جوانبه. ومنه قوله: (أفضتم من عرفات) أي تفرقتم كتفرق الماء الذي ينصب من الإناء. والعزوب: الذهاب عن المعلوم، وضده حضور المعنى للنفس. وتعزب: إذا انفرد عن أهله.
الاعراب: (ما) في قوله (ما أنزل الله): في موضع نصب بأنزل، ويكون بمعنى أي في الاستفهام، ويحتمل أن يكون (ما) بمعنى الذي، فيكون نصبا برأيتم.
المعنى: ثم أمر سبحانه نبيه صلى الله عليه وآله وسلم أن يخاطب كفار مكة، فقال: (قل) يا محمد لهم: (أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق) فجعله حلالا (فجعلتم منه حراما وحلالا) أي: جعلتم بعضه حراما، وبعضه حلالا، يعني ما حرموا من السائبة، والبحيرة، والوصيلة، ونحوها مما حرموا من زروعهم. وإنما قال (أنزل الله) لأن أرزاق العباد من المطر الذي ينزله الله (قل) يا محمد لهم (آلله اذن لكم أم على الله تفترون) ومعناه: إنه لم يأذن لكم في شئ من ذلك، بل أنتم تكذبون في ذلك على الله سبحانه.
(وما ظن الذين يفترون على الله الكذب يوم القيامة) معناه: أي شئ يظن