الثالث والرابع في أن ضمان الأول مبني على تشريك المسبب والمباشر لم يظهر الفرق بين نسبة السبب إلى تلف نفس المسبب ونسبته إلى الثالث أو الرابع، حتى احتمل هنا الشركة مع المباشرة في الضمان ولم يحتمل هناك. واحتمل في المختلف:
أن يكون الأول هدرا وعليه دية الثاني، وعلى الثاني دية الثالث، وعلى الثالث دية الرابع (1). بناء على عدم اعتبار السبب والإلجاء، فالأول إنما تلف بفعل نفسه الذي هو جذبه الثاني، وأما جذب الثاني الثالث فقد ألجئ إليه، وكذا الثالث في جذبه الرابع، وعليه دية الثاني جميعها، لأنه الذي باشر جذبه من غير إلجاء، وأما جذب الثاني والثالث فإنما صدر عنهما عن إلجاء، وعلى الثاني دية الثالث، لأنه المباشر لجذبه، وأما الأول فهو مسبب، وأما جذب الثالث الرابع فعن إلجاء، وكذا الباقي.
(ولو وقع الأول في البئر ثم وقع الثاني فوقه فمات الأول فالضمان على الثاني) كما في المبسوط (2) والشرائع (3) والجامع (4) قصاصا إن أوقع نفسه عليه متعمدا قتله أو كان مما يقتله غالبا، أو دية إن كان شبيه عمد، فإن كان خطأ محضا فعلى عاقلته، وإن دفعه غيره فعليه الضمان، والثاني هدر إن لم يوقعه غيره ولم يكن البئر حفرت عدوانا.
(ويحتمل) أن لا يكون على الثاني إلا (النصف، لأن الوقوع في البئر سبب الهلاك، فالتلف) إنما (حصل من الفعلين، فإن كان الحافر متعديا) بالحفر ولم يتعمد الأول الوقوع ولا دفعه غيره (ضمن) الحافر (النصف، وإلا) يكن متعديا (سقط) لكون الوقوع فعل نفسه. ولعلهم فرضوا وقوعا لا يقتل، فلذا نسبوا جميع الضمان إلى الثاني.
(ولو وقع فوقهما ثالث فماتوا كلهم، فإن كان الأول قد نزل إليها) ولم يقع فيها حتى يكون فعل نفسه مهلكا (فديته على الثاني والثالث) أو عاقلتهما