وقد ذكرت أنه لم يظهر الفرق لي. (و) احتمل (أن يكون دية الأول أرباعا) توزيعا لها على عدد الأفعال دون الفاعلين واعتبارا للمباشرة القوية لوقوعها عمدا دون السبب الضعيف، وبالعكس أعني اعتبارا للسبب مع ضعف المباشرة لوقوعها لا عن عمد (ربعه على الحافر مع العدوان) لقوة سببه بالنسبة إلى مباشرة الوقوع (وهدر لا معه) لكون الوقوع من فعله (وربعه هدر) لا محالة (بجذبه الثاني على نفسه، وربعه على الثاني بجذبه الثالث) عليه (وربعه على الثالث بجذبه الرابع) ولا اعتبار مع مباشرة هذين الجذبين بتسبيب الأول لهما لقوة المباشرتين.
والمحصل: أن الحفر إن لم يكن عدوانا فالفاعل لتلف الأول ثلاثة، نفسه والثاني والثالث، ولكن وقع من الأول فعلان هما الوقوع وجذبه الثاني. فإما أن يعتبر الوقوع ويوزع الدية على الأفعال الأربعة، لأصالة البراءة، أو يعتبر ولكن يوزع على الفاعلين الثلاثة، لأصل عدم الإهدار، ولما تقرر من أنه لو جنى على نفس رجلان فجرحه أحدهما جرحا والآخر مائة كان الضمان عليهما نصفين. أو لا يعتبر لوقوعه اتفاقا والجهل بدخوله في أسباب التلف والأصل عدم إهدار دم المسلم كلا وبعضا فالتوزيع أيضا أثلاثا.
وإن كان الحفر عدوانا فالمتلف للأول أربعة: الحافر تسبيبا، ونفس التالف والثاني والثالث كلهم مباشرة. فإما أن يعتبر السبب مع المباشرة لكون السبب سببا لغير المباشرة وإنما يسقط السبب مع قوة المباشرة إذا كان سببا لها فيوزع الدية أرباعا، أو لا يعتبر بناء على عدم السبب مع قوة المباشرة مطلقا فيوزع أثلاثا.
(وأما الثاني فديته أثلاثا فثلث هدر بجذبه الثالث على نفسه، وثلثه على الأول) لجذبه (وثلثه على الثالث بجذبه الرابع) عليه، ولا عبرة بالأسباب مع هذه المباشرات القوية حتى بالحفر عدوانا، إذ لا عبرة به مع دفع الغير، فكذا مع جذبه، لما عرفت من أنه لا عبرة مع قوة المباشرة بالسبب.