(لأن هذه) الأجرة (مؤونة التسليم) الواجب على الجاني فهي كأجرة الكيال الواجبة على البائع وخلافا للمبسوط (1) فأوجبها من مال المستوفي، لأنه وكيله فأجرته على موكله، وإنما على الجاني التمكين لا الفعل، ولذا لو أراد أن يقتص من نفسه لم يمكن منه واحتمل في التحرير (2).
(وإن لم يكن له) أي للمقتص منه (مال، فإن كان القصاص على النفس استدان الإمام على بيت المال، وإن كان على الطرف استدان على الجاني) وعلى قول المبسوط إن لم يكن للمستوفى مال استدان.
(ولو قال الجاني: أنا أستوفي له القصاص مني ولا أبذل أجرة، احتمل عدم القبول) لقوله تعالى: " ولا تقتلوا أنفسكم " (3) ولأن معنى القصاص أن يفعل به كما فعل لا أن يفعل هو بنفسه، و (لأن القصاص للتشفي، وإنما يحصل للمستحق أو من ينوب عنه) لا بفعل نفسه (فصار كالمسلم) للمبيع أو الثمن مثلا (إذا قال: أنا أتولى الكيل ولا أدفع أجرة) فإنه لا يقبل منه، لأن الكيل لضبط المكيل وحفظه من الزيادة والنقصان، ولا يحصل بفعل المسلم لاحتمال الخيانة.
(و) احتمل (القبول لتعين المحل والفعل) والقصد إلى إتلافه عوضا عن المجني عليه ولا يتفاوت ذلك باختلاف الفاعل (وعدم) إمكان (الخيانة هنا، بخلاف الكيل الذي يتصور فيه النقص).
(ولو قال المستحق: اعطوني الأجرة) من بيت المال أومن مال الجاني و (أنا أستوفي بنفسي أجيب) إليه، لأنه عمل يستحق به الأجرة غير لازم عليه (كما لو قال) المشتري أو البائع: (اعطوني) الأجرة (لأكتال حقي) من المبيع أو الثمن.
(المطلب الثاني في تعدد القتيل) (القتيل إذا تعدد استحق) عليه (القصاص بسبب) قتل (كل مقتول