على ذلك خطأ مما لا يكاد يقع، لا سيما وإمامهم في ذلك أعني ابن عيينة، كان يرويه رواية العارف المتثبت فيما يروي، حينما روجع في ذلك، فقد روى البيهقي عن علي بن المديني قال: قلت لابن عيينة: يا أبا محمد إن معمرا وابن جريج يخالفانك في هذا، يعني أنهما يرسلان الحديث عن النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: استقر الزهري حدثنيه (1)، سمعته من فيه يعيده ويبديه، عن سالم عن أبيه ".
فتوهيم الزهري والحالة هذه أقرب من توهيم هؤلاء الجماعة عنه، ولكن لا مبرر للتوهيم إطلاقا، فكل ثقة، وكل صادق فيما روى، والراوي قد يسند الحديث أحيانا وقد يرسله، فكل روى ما سمع، والحجة مع من معه زيادة علم، وهو هؤلاء الذين أسندوا الحديث إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) "، وهذا هو الذي اختاره البيهقي أن الحديث موصول، وجزم بصحته ابن المنذر وابن حزم كما في (التلخيص) وأشار إلى تصحيحه العلامة ابن دقيق العيد حين أورده في كتابه " الإلمام بالحديث الأحكام " (ق 56 / 1) الذي شرط فيه أن لا يورد فيه إلا ما كان صحيحا، بل أشار إلى تضعيف قول من أعله بالارسال فقال بعد أن ذكره من رواية الأربعة:
" وقيل رواه جماعة من الحفاظ عن الزهري عن النبي (صلى الله عليه وسلم) والمرسل أصح ".
وللحديث شاهد من رواية أنس بن مالك قال:
" كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأبو بكر وعمر وعثمان يمشون أمام الجنازة).
أ خرجه الترمذي (1 / 188) وابن ماجة (1483) والطحاوي (1 / 278) من طريق محمد بن بكر البرساني أنبأنا يونس بن يزيد الأيلي عن الزهري عن أنس. وقال الترمذي:
" سألت محمدا عن هذا الحديث؟ فقال: هذا خطأ، أخطأ فيه محمد بن بكر، وإنما يروي هذا الحديث عن يونس عن الزهري أن النبي (صلى الله عليه وسلم) وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة ".
قلت: محمد بن بكر مع أنه ثقة محتج به في " الصحيحين " فإنه لم يتفرد به،