واختاره ابن إدريس بعد نقله عن بعض الأصحاب والأول أقرب لنا انه متمكن من الصلاة في الثوب الطاهر مستجمعا لجميع الشرائط المعتبرة في الصلاة وإذا صلى عاريا يفوت عنه بعض الشرائط المعتبرة فيها أعني ستر العورة فتجب الصلاة فيها وما رواه ابن بابويه عن صفوان بن الحسن لإبراهيم بن هاشم عن أبي الحسن عليه السلام انه كتب إليه يسأله عن رجل كان معه ثوبان فأصاب أحدهما بول ولم يدر أيهما هو وحضرت الصلاة وخاف فوتها وليس عنده ماء كيف يصنع قال يصلي فيهما جميعا قال ابن بابويه رحمه الله يعني على الانفراد وهذه الرواية نقلها الشيخ بطريق اخر وايراد ابن بابويه لها على ما علم من حسن حال إبراهيم بن هاشم وعمل أكثر الأصحاب بمدلولها كان في العمل واختصاصها بالبول غير ضار به لعدم القائل بالفصل ويدل عليه ما سيعلم من جواز الصلاة في الثوب المتيقن النجاسة وعدم وجوب الصلاة عاريا فعند الشك بالنجاسة لكن اتمام هذا الدليل يتوقف على التمسك بالاجماع المركب إذ المستفاد منه عدم تعين الصلاة عاريا ومما يدل عليه أيضا من أن وجوب الاجتناب عن الثوب المشتبه انما يستند إلى الاجماع كما عرفت فحيث (انتفى) فيه الاجماع كما هو محل النزاع لم يكن عن الصحة مانع لحصول الامتثال واما احتجاج ابن إدريس فحصله يرجع إلى أن اقتران وجوه الافعال بها واجب وقصد الوجوب وجه يقع عليه الصلاة فتكون واجبا وهو منتف في صورة تعدد الصلاة وان الواجب عليه عند ايقاع كل فريضة ان يقطع بطهارة ثوبه وهو منتف عند افتتاح كل صلاة فالجواب عن الأول بالمنع من وجوب الاقتران المذكور سلمنا لكن عند التمكن لا مطلقا سلمنا لكنه حاصل فإنه يقصد وجوب كل واحد من الصلاتين فان ستر العورة بالساتر الطاهر لما كان واجبا وكان تحصله موقوفا على الاتيان بالصلاتين تعين فيكون الصلوتان واجبتين من باب المقدمة وعن الثاني بالمنع فان ذلك شرط مع القدرة لا مع الاشتباه فروع الأول قال في المنتهى لو كان معه متيقن الطهارة تعين للصلاة ولم يجز له ان يصلي في الثوبين لا متعددة ولا منفردة قال ولو كان أحدهما طاهر والاخر نجسا نجاسة معفوا عنها تخير في الصلاة في أيهما كان و الأولى له الصلاة في الطاهر وكذا لو كانت إحدى النجاستين المعفو عنهما في الثوب أقل من الأخرى كان الأولى الصلاة في الأقل الثاني لو كان له ثياب نجسة وطاهرة وحصل الاشتباه صلى الفرض بعدد النجسة وزاد صلاة واحدة على ذلك العدد ليعلم وقوع الصلاة في ثوب طاهر ولو كثرت الثياب بحيث يشق ذلك يحتمل الوجوب بقدر المكنة ويحتمل التخيير الثالث لو ضاق الوقت عن الصلاة في الجميع صلى فيما يحتمله الوقت وإن كانت واحدة وله الخيرة في الصلاة في اي الأثواب شاء الا ان يظن طهارة أحدهما فحينئذ لم يبعد التعين وقيل يصلي عاريا الرابع لو كان عليه صلوات متعددة مترتبة وجب مراعاة الترتيب فيها فلو كان عليه ظهر وعصر صلى الظهر فيهما ثم صلى العصر فيهما ولو صلى الظهر في أحدهما ثم العصر فيه ثم صلاهما في الثوب الأخر على الترتيب المذكور لم يبعد جوازه كما ذكره المصنف في النهاية ولو صلى الظهر في أحدهما ثم العصر فيه ثم صلاهما في الثوب الأخر على خلاف الترتيب لم يصح العصر الخامس لو فقد أحد المشتبهين قيل صلى في الأخر وعاريا والظاهر الاكتفاء بالصلاة في الباقي لجواز الصلاة في متيقن النجاسة ففي غيره أولي وكلما لاقي النجاسة برطوبة نجس سواء كانا رطبين أو أحدهما والظاهر أنه لا خلاف في ذلك بين الأصحاب ولعل ذلك هو المستند والرطوبة المؤثرة ما يتعدى شئ منها إلى الملاقى على ما ذكره جماعة من الأصحاب فالقليلة التي بلغت حدا لا يتعدى في حكم اليبوسة ولا ينجس لو كانا يابسين والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب الا في الميتة فان فيه أقوالا أحدها انها مؤثرة مطلقا صرح به المصنف في النهاية قيل وفي بعض عبارات المحقق اشعار به وثانيهما عدم التأثير مطلقا الا مع الرطوبة وهو المنقول عن بعض المتأخرين وثالثها التفصيل بموافقة القول الأول في ميتة الآدمي والثاني في ميتة غيره واختاره المصنف في التذكرة والشهيد في الذكرى ورابعها موافقة القول الأول في ميتة الآدمي مطلقا وايجاب الغسل بملاقاة ميتة غيره مع اليبوسة دون النجاسة ويستفاد من كلام المصنف في المنتهى استقراب هذا حجة القول الأول بالنظر إلى ميتة الآدمي اطلاق الامر بغسل الثوب إذا أصاب جسد الميت في حسنة الحلبي ورواية إبراهيم بن ميمون المتقدمتين في نجاسة الميتة وبالنظر إلى ميتة غير الآدمي مرسلة يونس بن عبد الرحمن عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته هل يجوز ان يمس الثعلب والأرنب أو شيئا من السباع حيا أو ميتا قال لا يضره ولكن يغسل يده وتوجيه الدلالة في الامرين ترك الاستفصال الدال على التعميم وحجة القول الثاني قول الصادق عليه السلام في موثقة عبد الله بن بكير كل يابس ذكى وحجة القول الثالث بالنظر إلى الجزء الأول ما ذكر في حجة القول الأول وبالنظر إلى الجزء الثاني الأصل أو حجة القول الثاني مع استضعاف خبر يونس والظاهر عدم التأثير في ميتة غير الآدمي الا مع الرطوبة واما في الآدمي فتردد وتدل على الأول موثقة عبد الله ابن بكير السابقة معتضدة بالأصل ولا يبعد الحاقها بالصحاح لان ابن بكير ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه وتؤيده صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الرجل يقع ثوبه على حمار ميت هل تصح الصلاة فيه قبل ان يغسله قال ليس عليه غسله وليصل فيه ولا باس به وعدم القائل بالفصل يقتضي التعميم وانما أوردناهما بلفظ التأييد دون الدلالة لان الغالب وقوع الثوب على الكلب والحمار وأمثالهما ملاقاة ما لا تحله الحياة من اجزائهما ولعل ذلك مستثنى عن أصل الحكم وخبر يونس ضعيف السند مع أن ظاهره يقتضي ثبوت الحكم في الحي وليس الامر كذلك وأيضا ظاهره وجوب غسل اليد بملاقات ما لا تحله الحياة من الأجزاء وهو خلاف ما دل عليه الخبران الصحيحان السابقان ووجه التردد في الثاني حصول التعارض بين رواية ابن بكير وحسنة الحلبي لكون النسبة بينهما عموما ممن وجه والترجيح لا يخلو عن اشكال وهل القطع المبانة من الحي يلحق بالآدمي قد سبق ان الأصحاب يلحقونها بالتنجيس بالميتة فعلى القول الأول مؤثرة مطلقا وعلى القول الثالث مشكل لكون الظاهر من اطلاقهم الالحاق مساواتها للميت وعدم تناول الدليل لها ولا يخفى رجحان الثاني وتنظر المصنف في الوجوب بمس الصوف ونحوه من صدق اسم مس الميتة ومن كون الممسوس لو جز كان طاهرا فلا يؤثر اتصاله نجاسة الماس والظاهر عدم التناول الدليل لها فتبقى على الأصل بقى الكلام في أن المتنجس بنجاسة الميتة مع اليبوسة هل مؤثر للتنجيس في غيره إذا لاقاه رطبا المشهور نعم ولا اعرف فيه خلافا الا من المصنف وابن إدريس فإنه ذهب المصنف في المنتهى والقواعد إلى أن النجاسة الحاصلة عن مس الميت بغير رطوبة حكمية لا يتعدى إلى غير الماس وان لاقاه رطبا واحتج عليه بالأصل وعدم دليل التنجيس واعترض عليه بان النصوص دلت على وجوب غسل الملاقى لبدن الميت وما ذاك الا لنجاسة ومن حكم النجس تنجيسه لغيره إذا لاقاه برطوبة وفيه تأمل واما ابن إدريس فقد حكى عنه القول بأنه إذا لاقي شئ من جسد الميت مائعا حكم بنجاسة ولولا في ذلك المائع مائعا اخر لم ينجس الثاني وكلامه ليس بصريح في ذلك فإنه قال إذا لاقي جسد الميت اناء وجب غسله ولو لاقي ذلك الاناء مائعا لم ينجس المائع والاناء لما كان أعم من الرطب واليابس كان كلامه ظاهرا فيما نقل عنه ولو كان غرضه اليابس يرجع قوله إلى ما ذكره المصنف واحتج ابن إدريس على عدم نجاسة المائع الملاقى للملاقى جسد الميت بأنه لم يلاق جسد الميت وحمله على ذلك قياس والأصل في الأشياء الطهارة إلى أن يقوم دليل لأن هذه النجاسات حكميات وليست عينيات وبأنه لا خلاف في أن المساجد يجب ان تجنب النجاسات العينية وقد اجمعنا على من أن غسل ميتا له ان يدخل المسجد ويجلس فيه ولو كان نجس العين لما جاز ذلك ولأن الماء المستعمل في الطهارة الكبرى طاهر بلا خلاف ومن جملة الأغسال غسل من مس ميتا ولو كان ما لاقي الميت نجسا لما كان الماء الذي يغتسل به طاهرا وأجاب المحقق عن تلك الوجوه إما عن الأول فإنه لا يصلح دليلا على دعواه بل يصلح جوابا لمن يستدل على نجاسة المائع الملاقى للإناء بالقياس على نجاسة الاناء الملاقى للميت لكن لم يستدل بذلك أحد بل نقول لما أجمع الأصحاب على نجاسة الملاقى للميت وأجمعوا على نجاسة المائع إذا وقعت فيه نجاسة لزم من مجموع القولين نجاسة المائع فما ذكره لا يصلح دليلا ولا جوابا وعن الثاني بمنع ما ادعاه من الاجماع على جواز الاستبطان كما يمنع من على يديه نجاسة وعن الثالث انا نسلم طهارة الماء المستعمل في الكبرى ونمنع طهارة الماء المستعمل في غسل إذا لم يغسل اليد إليه سابقا فان نجاسته ليست مستندة إلى رفع النجاسة الحكمية بل إلى نجاسة اليد كالجنابة فإنه إذا لم يغسل البدن من المني لم يحكم بطهارة الماء المستعمل و
(١٦٦)