على ما يأتي بيانه في موضعه إن شاء الله تعالى فروى الشيخ والكليني في الحسن عن زرارة انهما قالا لا تغسل ثوبك من بول شئ يؤكل لحمه وروى الشيخ في الموثق عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام قال كل ما اكل لحمه فلا باس بما يخرج منه الرابع ما دل على خصوص محل النزاع فروى الصدوق في الفقيه عن ابن الأغر النخاس انه سال أبا عبد الله عليه السلام فقال انى أعالج الدواب فربما خرجت بالليل وقد بالت وراثت فتضرب إحديهما بيدها ورجلها فينضح على ثيابي فقال لا باس به ورواه الكليني في الكافي بأدنى تفاوت في المتن والسند وقد يناقش في حجية هذه الرواية بناء على أن راويها مجهول لعدم ذكره في كتب الرجال والظاهر أنها لا تقصر عن الروايات المعتمدة لان الراوي عن صفوان وابن أبي عمير والظاهر أن مثل هذين الشيخين الثقتين الجليلين الذين قد أكثر الأصحاب من الثناء عليهما واتفقوا على ثقتهما وجلالتهما لا يرويان الا عن ثقة فان النقل عن الضعفاء من جملة القواوح والطغون كما لا يخفى على متتبع كتب الرجال مع أن الشيخ مصرح في العدة بان صفوان وابن أبي عمير لا يرويان الا عن الثقات فروايتهما عنه بل ساير روايات التي اوردها الصدوق فان الطريق إلى الكل واحد قرينة واضحة على حسن حاله مضافا إلى ما ذكر الصدوق من شأن كتابه من أن جميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعول واليها المرجع وانه يحكم بصحته وبالجملة هذا من الاخبار التي لا سبيل إلى ردها خصوصا مع اعتضادها بالشهرة بين العلماء والأصل ومخالفة العامة وروى الشيخ عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا باس بروث الحمير واغسل أبوالها وجه الدلالة ففي الباس عن الروث فيكون الامر بغسل الثوب عن البول محمولا على الاستحباب لعدم القائل بالفصل فيما يظهر وقد يضعف هذا الخبر بناء على أن في طريقة البرقي وضعفه النجاشي وان وثقة الشيخ وفى طريقه ابان وفيه اشكال والظاهر أنه لا يقصر عن الصحاح إما البرقي فكلام النجاشي غير صريح في تضعيفه فإنه قال إنه ضعيف في الحديث ويمكن ان يكون هذا إشارة إلى ما ذكره ابن الغضائري من أن حديثه يعرف وينكر وانه يروى عن الضعفاء ويعتمد المراسيل فلا يكون هذا طعنا ولا ينافي ما ذكره الشيخ عن توثيقه واما ابان فالظاهر أنه أبان بن عثمن الأحمر وعندي انه لا اشكال فيه لأنه ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم وأقروا لهم بالفقه على ما ذكره الكشي وكتابه كتاب معتبر بين الطائفة رواه الكوفيون والقميون بطرق وأسانيد متعددة ولا طعن فيه الا ما نقل الكشي عن محمد بن مسعود عن ابن فضال انه ناووسي ولم يذكر ذلك غيره والجارج مثل المجروج وبالجملة لا سبيل إلى رد روايته وروى الشيخ عن المعلى بن خنيس وعبد الله بن أبي يعفور قالا كنا في جناره وقد أمنا حمار فبال فجاءت الريح ببوله حتى صكت وجوهنا وثيابنا فدخلنا على أبي عبد الله عليه السلام فأخبرناه فقال ليس عليكم باس وروى أبو مريم قال قلت لأبي عبد الله ما تقول في أبوال الدواب وأرواثها قال إما أبوالها فاغسل ما أصابك إما أرواثها فهى أكثر من ذلك وروى عبد الاعلى بن أعين قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن أبوال الحمير والبغال قال اغسل ثوبك قال قلت فأرواثها قال هو أكثر من ذلك قال المحقق رحمه الله يعنى ان كثرتها يمنع التكليف بإزالتها وفى طريق هذه الروايات الثلث ضعف لكنها تصلح للتأييد ووجه الاستدلال من الأخيرين كما مر في صحيحة الحلبي حجة القول بالنجاسة روايات كصحيحة الحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام (عن أبوال الخيل البغال فقال اغسل ما أصابك منه وصحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سألت أبا عبد الله عليه السلام) عن رجل يمسه بعض أبوال البهائم أيغسله أم لا فقال يغسل بول الحمار والفرس والبغل فاما الشاة وكل ما يؤكل لحمه فلا باس ببوله وحسنة محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن البان الإبل والغنم والبقر وأبوالها فقال لا توضأ منه إلى أن قال وسألته عن أبوال الدواب والبغال والحمير فقال (اغسله فإن لم تعلم مكانه فاغسل الثوب كله فان شككت فانزحه ورواية سماعة قال سألته من بول السنور والكلب والحمار والفرس) فقال كأبوال الانسان ويعضده ما رواه الشيخ باسناد لا يقصر عن الموثق عن أبي بصير قال سألته عن كر من ماء مررت به وانا في سفر قد بال فيه حمار أو بغل أو انسان قال لا يتوضأ منه ولا تشرب منه وبإسناد لا يقصر عن القوى عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن الماء النقيع تبول فيه الدواب فقال إن تغير الماء فلا تتوضأ منه وان لم تغيره أبوالها فتوضأ منه وكذلك الدم إذا سال في الماء وأشباهه اورد الشيخ الخبرين في باب آداب الاحداث من التهذيب والجواب ان تلك الأخبار محمولة على الكراهة جمعا بين الاخبار وهو حمل قريب شائع بل لا يبعد ادعاء ان ذلك ليس خلاف الظاهر ويؤيده ما رواه زرارة عن أحدهما عليهما السلام في أبوال الدواب يصيب الثوب فكرهه فقلت ليس لحومها حلالا قال بل ولكن ليس مما جعله الله للاكل ويؤيده الامر بالنضح في حسنة محمد بن مسلم فإنه محمول على الندب باتفاق الخصم فيمكن ان يجعل قرينة على الباقي ويمكن ان يجمع بين الروايات بحمل اخبار النجاسة على التقية لموافقتها لبعض العامة وبالجملة بحسب ترجيح اخبار الطهارة لاعتضادها بالأصل والشهرة ومخالفة العامة ويجب التأويل في اخبار النجاسة خصوصا إذا أمكن فيها مثل هذه
(١٤٦)