التأويلات القريبة وقد يقال تكلف الجمع فرع حصول التعارض والمصير إلى التأويل انما يصح عند قيام المعارض وذلك مفقود ههنا فان في اخبار التنجيس ما هو صحيح السند وليس في جانب الطهارة حديث صحيح وأنت إذا أحطت خبرا بما أسلفناه أمكنك ان تقول ان التعارض بين الاخبار ثابتة بانضمام مقدمة هي اشتراك الأبوال والأرواث في الحكم بناء على عدم القائل بالفصل وحجة القول بالتنجيس لا يتم بدون ضم هذه المقدمة أيضا لخلو اخباره عن حكم الروث واختصاص الامر بغسل الأبوال بما إذا أصابت الثوب أو البدن والمدعى عموم الحكم بنجاستها فلا يتم بدون انضمام المقدمة المذكورة قال المحقق بعد نقل جملة من الروايات الواردة في هذا الباب فخلص من هذا تطابق اخبارنا على طهارة الروث وتصادمها على البول فيقتضى الكراهة عملا بالروايتين ولان تعارض النقل يثمر الطهارة بوجهين أحدهما ان الأصل الطهارة فيكون طرفها أرجح الثاني ما روى عن أبي عبد الله عليه السلام كل شئ نظيف حتى تعلم أنه قذر والى ما ذكره يتطرق شوب الاشكال والمعتمد ما ذكرناه والاحتياط في العمل خصوصا في مورد النص وهو إصابة البول للثوب أو البدن حسن الموضع الثاني ذرق الدجاج والمشهور طهارته وخالف فيه الشيخان فذهبا إلى نجاسته والشيخ وافق المشهور في كتاب الحديث فيمكن ان يقال الخلاف منحصر في المفيد والأقرب الطهارة لرواية وهب بن وهب عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال لا باس بخرؤ الدجاج والحمام يصيب الثوب وهذه الرواية وإن كانت ضعيفة لكنها معتضدة بالأصل وعملا أكثر الأصحاب ولعموم موثقة عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام قال كل ما اكل لحمه فلا باس بما يخرج منه احتج الشيخ لقول المفيد برواية فارس قال كتب إليه رجل يسأله عن ذرق الدجاج تجوز الصلاة فيه فكتب لا والجواب والعطن في الرواية فان داويها مذموم جدا قال الشيخ فارس بن حاتم غال ملعون ونقل الكشي عن الفضل بن شاذان انه ذكر في بعض كتبه ان من الكذابين المشهورين فارس بن حاتم ونقل أشياء لا حاجة إلى نقلها وفى ذمه أشياء كثيرة مع اضمار الرواية ومخالفتها للمشهور فلا يلتفت إليها هذا إذا لم يكن جلالا واما الجلال فذرقه نجس اجماعا حكى الاجماع عليه المصنف في المختصر والمنى من كل حيوان ذي نفس سائله وإن كان ماكولا لا خلاف بين الأصحاب في نجاسة منى الآدمي حكاه المصنف في التذكرة والأخبار الدالة على وجوب غسل المنى من الثوب والجسد مستفيضة كصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام في المنى يصيب الثوب قال إن عرفت مكانه فاغسله وان خفى عليك مكانه فاغسله كله وصحيحة محمد بن مسلم أيضا عن أبي عبد الله عليه السلام قال ذكر المنى فشدده وجعله أشد من البول الحديث وما رواه الصدوق في الصحيح عن الحلبي انه سال أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أجنب في نومه وليس معه ثوب غيره قال يصلى فيه فإذا وجد الماء غسله والاخبار بهذا المضمون كثيرة لا فائدة تعتد بها في الإطالة بذكرها مستقصى إذا عرفت هذا فاعلم أن حكم منى غير الآدمي مما له نفس حكم منى الآدمي عند الأصحاب لا نعرف في ذلك خلافا عنهم وحكى المصنف الاجماع عليه وكذا ابن زهرة وجعل الحجة عليه في المنتهى عموم ما دل على نجاسة المنى ولم يتمسك بالاجماع وكذا المحقق في المعتبر فإنه عمم الحكم في أصل المسألة واحتج عليه بالاخبار وفى دلالة الاخبار على العموم نظر لا يخفى بل الذي يظهر منها حكم منى الآدمي قال بعض المتأخرين ويمكن ان يحتج له بجعله أشد من البول في صحيح محمد بن مسلم فإنه وان شهدت القرينة الحالية في مثله بإرادة منى الانسان الا ان فيه اشعارا بكونه أولي بالتنجيس من البول وكما حكم بنجاسة بول ينبغي ان يكون لميته هذه الحالة وعندي فيه تأمل الا ان الحكم مقطوع به عند الأصحاب مدعى عليه الاجماع فلا مجال للتوقف فيه واما منى ما لا نفس له فظاهر جماعة من الأصحاب القطع بطهارته في عبارة الفاضلين اشعار بنوع اشكال فيه قال المحقق في منى ما لا نفس لم تردد أشبهه الطهارة وفى المنتهى الأقرب طهارة ووجه الاشكال عند من تمسك في نجاسة ذي النفس مطلقا بالعموم ظاهر لأنه لاختصاص في الاخبار بمنى ذي النفس فإذا نظر إلى عموم اللفظ كان شاملا للجميع وكان اخراج منى ما لا نفس له عن الحكم محتاجا إلى دليل واما عند من تمسك فيه بالاجماع فيبقى على أصل الإباحة ولا يلحق بالمنى المذي وهو الماء الذي يخرج عقيب الملاعبة والملامسة والودي بالدال المهملة وهو الذي يخرج عقيب البول بل هما طاهران عند جمهور الأصحاب لا نعرف فيه مخالفا الا ابن الجنيد فإنه قال على ما حكى عنه ما كان من المذي ناقضا طهارة الانسان غسل منه الثوب والجسد ولو غسل من جميعه كان أحوط وفسر الناقض للطهارة بما كان عقيب شهوة والأول أصح لصحيحة زيد الشحام وزرارة ومحمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال إن سال من ذكرك شئ من مذى أو ودي فلا تغسله ولا تقطع له الصلاة ولا تنقض له الوضوء انما ذلك بمنزلة النخامة الحديث وصحيحة ابن أبي عمير عن غير واحد من أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام
(١٤٦)