مقام العلم والا فلا قاله المصنف في القواعد وفسر الشيخ على الاستناد إلى السبب ما اعتبر الشارع سببيته كاخبار العدلين ومثله اخبار المالك ويعلم ذلك من كلام المصنف في المنتهى حيث قال لو أخبر عدل بنجاسة الماء لم يجب القبول إما لو شهد عدلان فالأولى القبول وقال في موضع اخر لو أخبر العدل بنجاسة انائه فالوجه القبول ولو أخبر الفاسق بنجاسة انائه فالأقرب القبول أيضا واستشكل ذلك في النهاية ومنها ما قاله المصنف في التذكرة وهو انه ان استند الظن كقول العدل فهو كالمتيقن والا فلا واحتمل المصنف في النهاية وجوب التحرز مع اخبار العدل الواحد بنجاسة اناء بعينه قال ولو لم يوجد غيره فالأقوى عدم الرجوع إليه ويعلم من كلام الشارح الفاضل القطع بقبول قول ذي اليد مطلقا قيل وما فصله المصنف في المنتهى هو المشهور بين المتأخرين وقد ذكر نحوه في موضع اخر من التذكرة وجزم المحقق في المعتبر بعدم القبول مع اخبار العدل الواحد وحكى عن ابن البراج القول بعدم القبول في العدلين أيضا واسند في النهاية عدم قبول العدلين إلى الشيخ أيضا وظاهر الشيخ في المبسوط عدم قبول اخبار العدل الواحد مطلقا ويظهر من كلامه التردد في قبول اخبار العدلين وربما نقل عن بعض الأصحاب النص على اشتراط القبول في العدلين بتبيين السبب المقتضى لنجاسة الوقوع الخلاف فيه ان يعلم الوفاق فيكفي بالاطلاق وعن جماعة منهم انهم قيدوا الحكم بقبول اخبار الواحد بنجاسة مائه بما كان الاخبار قبل الاستعمال فلو كان بعده لم يقبل النظر إلى نجاسة المستعمل له فان ذلك في الحقيقة اخبار بنجاسة الغير ولا يكفي فيه الواحد وإن كان عدلا ولا لخروج الماء عن ملكه بالاستعمال وبهذا التقيد صرح المصنف في التذكرة أيضا حجة الأول ان الشرعيات كلها ظنية والعمل بالمرجوح مع قيام الراجح باطل و وأجيب عنه بالمنع من العمل بمطلق الظن شرعا وثبوته في مواضع مخصوصة لدليل مختص بها لا يقتضى التعدية إلى غيره وحجة الثاني ان الطهارة معلومة بالأصل وشهادة الشاهدين بثمر الظن فلا يترك لأجله المعلوم وأجيب عنه بان الحكم بشهادة الشاهدين معلوم ولهذا لو كان الماء مبيعا لرده المشترى وانما يحصل ذلك بعد الحكم بالشهادة وللتأمل في هذا الجواب مجال ومن هذا الجواب يعلم حجة القول الثالث في قبول اخبار العدلين واما دليل الحاق قول المالك بالعدلين فغير معلوم خصوصا إذا كان فاسقا مع أن منطوق أية التثبت يدفعه وكذا الكلام في قبول قول صاحب اليد مطلقا وحجة الرابع على ما ذكره المصنف في النهاية انه شهادة في الأمور المتعلقة بالعادة كالرواية والواحد منها غير مقبول وفيه ما فيه والأجود والاستدلال عليه بفحو قوله تعالى ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا لكن اثبات عموم مفهومه لا يخلو عن اشكال مع معارضته بالآيات الدالة على النهى عن اتباع الظن وبقول الصادق عليه السلام في موثقة عمار الساباطي كل شئ نظيف حتى تعلم أنه قذر وفى صحيحة زرارة الطويلة قلت فإن لم أكن رأيت موضعه وعلمت انه قد اصابه فطلبته فلم أقدر عليه فلما صليت وجدته قال تغسله وتعيد قلت فان ظننت انه قد اصابه ولم أتيقن ذلك فنظرت فلم أر شيئا ثم صليت فرأيت فيه قال تغسله ولا تعيد الصلاة قلت لم ذلك قال لأنك كنت على يقين من طهارتك ثم شككت فليس ينبغي لك ان تنقض اليقين بالشك وفيه دلالة ما على مذهب ابن البراج ويدل عليه في خصوص الماء قول الصادق عليه السلام فيما روى عنه بعدة أسانيد وان أشركت في الضعف كل ماء طاهر حتى تعلم أنه قذر والعمومات الكثيرة الدالة على طهارة الماء الا ما خرج بالدليل فان ثبت عدم القائل بالفعل لزم عموم الحكم ويدل على عدم اعتبار الظن أيضا صحيحة عبد الله ابن سنان السابقة وصحيحة معوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الثياب السابرية تعملها المجوس وهم أخباث وهم يشربون الخمر ونساؤهم على تلك الحال ألبسها ولا اغسلها وأصلي فيه قال نعم قال معوية تقطعت له قميصا وخطته وقتلت له ازارا من السابري ثم بعثه بها يوم الجمعة حين ارتفع النهار فكأنه عرف ما أريد فخرج بها إلى الجمعة وصحيحة عبيد الله بن علي الحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في ثوب المجوسي فقال يرش بالماء وصحيحة إبراهيم بن أبي محمود قال قلت للرضا عليه السلام الخياط والقصار يكون يهوديا أو نصرانيا وأنت تعلم أنه يبول ولا يتوضأ ما تقول في عمله قال لا باس أو قول الصادق عليه السلام في حسنة الحلبي إذا احتلم الرجل فأصاب ثوبه منى فليغسل الذي اصابه فان ظن أنه اصابه ولم يستيقن ولم ير مكانه فلينضحه بالماء وقول أمير المؤمنين عليه السلام ما أدرى أبول أصابني أم ماء إذا لم اعلم وبعض الأخبار الدالة على جواز استعمال أواني المشركين والأخبار الدالة على طهارة الحمامات وسيجيئ في موضعه وغيرها من الاخبار ومما ذكرنا علم أن قول ابن البراج قوى لكن للتردد في صورة اخبار العدلين طريق فتدبر ويتفرع على القبول النيتية في نجاسة الماء فرعان الأول ان البراج قوى لكن لا يقع التعارض في اناء واحد بان تشهد إحدى البينتين بعروض النجاسة له في وقت معين ويشهد الأخرى بعدمه لإعادتها النظر إليه في ذلك الوقت والقطع بعدم حصول النجاسة فيه وفى هذه المسألة أقوال الأول الحاقه بالمشتبه واختاره المصنف في التذكرة والقواعد وقواه الشهيد الثاني على ما نقل عنه الثاني القول بالطهارة إما لترجيح بنية الطهارة لاعتضادها بالأصل كما هو المحكي عن بعض الأصحاب واما للحكم بتساقط البينتين والرجوع إلى حكم الأصل كما قواه الشهيد في البيان الثالث العمل بنية النجاسة لأنها ناقلة عن حكم الأصل وبنية الطهارة مقررة والناقل أولي عند التعارض والقول بسقوط البينتين والرجوع إلى حكم الأصل أقوى العموم الأدلة الدالة على الطهارة الا ما خرج بالدليل الثاني ان يتعارضا في اناءين بان تشهد أحدهما بان النجس هو هذا بعينه وتشهد الأخرى بأنه هو الأخر وفيه أقوال الأول انه ان أمكن الجمع وجب الحكم بنجاسة الماءين والا فكذلك لأنهما يصيران بذلك كالمشتبه بالنجس واليه ذهب المحقق في المعتبر والمصنف في النهاية الثاني انهما يصيران بذلك كالمشتبه بالنجس فيحكم بنجاستهما واليه ذهب المصنف في التحرير والشهيد في الذكرى والشيخ على في شرح القواعد وهو المنقول عن الشهيد الثاني في بعض فوائده ولعل حكمهم بالاشتباه مقيد بصورة عدم امكان للجمع فيرجع حاصله إلى القول الأول الثالث تسقط الشهادتين ويبقى الماء على أصل الطهارة قاله الشيخ في الخلاف الرابع ان أمكن العمل بشهادتهما وجب وان تنافيا اطرح الجميع وحكم بالأصل الطهارة اختاره المصنف في المختلف وابن إدريس حكم بالنجاسة في صورة امكان الجمع واضطرب في التقدير الأخر فادخله في عموم وجوب القرعة لكل مشكل أولا ثم أخرجه عنه قصرا للقرعة على مواضع مخصوصة واستبعد ان يكون القرعة طريقا في تمييز الأواني والثياب المشبهة بالنجس وأمثالها ثم ذكر انه لم يتحقق في هذه المسألة نجاسة أحدهما ولا أولوية للعمل بإحدى الشهادتين وانما حصل شك في نجاسة أحدهما ولا ترجيح بالشك عن اليقين الذي هو الطهارة ثم افتى بعد ذلك كله بنجاسة الاناءين وقبول شهادة الأربعة لان ظاهر الشرع ان شهادتهم صحيحة ولان شهادة الاثبات لها مزية على شهادة النفي لأنها قد شهدت بأمر زائد قد يخفى على من شهد له بالنفي لأن النفي هو الأصل وشهادة الاثبات ناقلة عنه وزيادة عليه والأقرب على القول لسماع البينة في النجاسة الأول لنا في صورة امكان الجمع انه لا تعارض بين البينتين فيجب ان يعمل بمقتضى الكل واما في صورة عدم امكان الجمع فنقول الاتفاق حاصل من البينتين على نجاسة أحد الاناءين والتعارض انما هو في التعيين فنحكم بما لا تعارض فيه ونتوقف في موضع التعارض احتج الشيخ على ما نقل عنه بان الماء على أصل الطهارة وليس على وجوب القبول من الفريقين ولا من واحد منهما دليل فوجب طرحهما وبقى الماء على حكم الأصل والجواب عنه انه لا مقتضى للاطرح التعارض وهو منفى بالنسبة إلى غير المعين على أنه لا تعارض في صورة مكان الجمع أصلا ويمكن ان يكون كلام الشيخ ناظر إلى عدم قبول البينة بالنجاسة كما ذهب إليه ابن البراح وفى كلامه في المبسوط ايذان بالتردد في الحكم المذكور ولكن القول بذلك غير معروف عنه احتج المصنف في المختصر بأنه مع امكان الجمع حصل المقتضى لنجاسة الاناءين فيثبت الحكم وهو امتناع الجمع كل واحدا من الشهادتين تنافى الأخرى يعلم قطعا كذب إحديهما وليس تكذيب إحديهما أولي من تكذيب الأخرى فيجب طرح شهادتهم للتنافي والرجوع إلى الأصل وهو الطهارة وجوابه يعلم مما ذكرنا من جواب حجة الشيخ واما الايراد على ما ذكر ابن إدريس فغير خفى بعد التأمل الثالث إذا كان معه إناءان فولغ الكلب في أحدهما واشتبها عليه وأخبره عدل بعين ما ولغ فيه الكلب لا يقبل منه على ما ذكره الشيخ في المبسوط والخلاف وحكى الشيخ في الخلاف بعد الحكم بذلك عن بعض العامة القبول واستدل برواية سماعة وعمار فإنه أمر بإراقة الاناءين والتيمم ولم يقل الا ان يشهد عدل وأيضا قال علمنا أنه لا يجوز له استعمالهما باجماع الفرقة وايجاب القبول من العدل يحتاج إلى دليل وهو حسن الرابع رجح في الذكرى الطهارة عند ظن إصابة النجاسة في غير المستند إلى العدلين وحكم باستحباب الاجتناب بشرط ان يكون الظن ناشيا عن سب ظاهر كشهادة العدل وادمان الخمر الخامس إذا وقع الاشتباه في طهارة الواقع في الماء القليل ونجاسته بنى على أصل الطهارة ولا
(١٣٩)