فإنه مال إلى الطهارة مطلقا واستوجه عدم اعتبار الورود في التطهير وينبغي التنبيه على أمور الأول إذا قلنا بالتنجيس فالظاهر عدم الحاق نجاسة الماء نجاسة المحل في الحكم بل يكفي في التطهر الغسل واحدة وهو اختيار صاحب المعالم ونقله عن بعض مشايخه المعاصرين له ويحكى عن الأصحاب ههنا أقوال أخر منها ان الغسالة كالمحل قبل الغسل مطلقا ومنها انها كالمحل قبل تلك الغسلة فيجب غسل ما اصابه ماء الغسلة الأولى مرتين والثانية مرة وينتسب إلى الشهيد ومن تأخر عنه ومنها انها كالمحل بعد تلك الغسلة وهو اختيار الشيخ في الخلاف ولم اطلع على وجه صحيح لذلك الأقوال وعلى كل تقدير فلا ريب في أن الماء الوارد على المحل بعد الحكم بطهارته طاهر ونقل عن الشهيد في حاشية الألفية انه حكى عن بعض الأصحاب القول بنجاسة وان ترامى لا إلى نهاية محتجا بأنه ماء قليل لاقي نجاسة وبيانه ان طهارة المحل بالقليل خلاف الأصل المقرر من نجاسة القليل بالملاقاة فيقصر فيه على موضع الحاجة وهو المحل دون الماء وفيه ضعف ظاهر الثاني نقل المحقق في المعتبر والمصنف في المنتهى الاجماع على أن هذا الماء وان قيل بطهارته لا يرتفع به الحدث وكذا غيره مما تزال به النجاسة واحتجا مع الاجماع برواية عبد الله بن سنان السالفة ورجما قيل ظاهر كلام الشهيد في الدروس ان بجواز رفع الحدث به قائلا حيث عدد في الأحوال عند حكاية الخلاف فيه القول بأنه كرافع الأكبر والقول بطهارته إذا ورد على النجاسة وجعلهما قولين ويمكن ان يقال المقابلة بين القولين بناء على أن الأول إشارة إلى القول بالطهارة وان لم يكن واردا على النجاسة لكن ذلك ينافي ما قال جماعة منهم من أن القائلين بالطهارة اشترطوا فيها ورود الماء على النجاسة وعلى كل تقدير فما نقله الفاضلان هو المعتمد الثالث قال المصنف في المنتهى إذا غسل الثوب من البول في إجانة بان يصب عليه الماء فسد الماء وخرج من الثانية طاهرا لم تحدت الآنية في الغسلتين لو تعددت واحتج بطهارة الثوب بوجهين أحدهما انه قد حصل الامتثال يغسله مرتين فيكون طاهر والا لم يدل الامر على الأجزاء الثاني ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الثوب يصيبه البول قال اغسله في المركن مرتين فان غسلته في ماء جار فمرة وقد يستشكل حكمه بطهارة الثوب مع الحكم بفساد الماء المجتمع تحته في الإجانة سيما بعد حكمه بنجاسة الماء بانفصاله عن المحل المغسول فان الماء بعد انفصاله عن المحل المغسول يلاقيه في الآنية فيلزم تنجيسه وقد يتكلف في حل الاشكال بان المراد بالانفصال خروجه عن الثوب أو الاناء المغسول فيه تنزيلا للاتصال الحاصل باعتبار الاناء ومنزلة ما يكون في نفس المغسول للحديث المذكور ولا يخفى ابن بناء الخبر على طهارة الغسالة أولي من ارتكاب هذا التكلف فان ذلك انما يصح إذا ثبت دليل واضح على نجاسته الغسالة وقد عرفت انتفاءه الرابع محل الخلاف الماء الذي لم يتغير بالنجاسة عند الاستعمال فلو تغير بها نجس اجماعا والمعتبر من التغيير هو الحاصل في أحد أوصافه الثلاثة واستقرب المصنف في النهاية زيادة الوزن فيه مجرى التغيير وهو بعيد والموافق له غير معلوم وبالجملة هو مطالب بالدليل الإماء الاستنجاء فإنه ظاهر ما لم يتغير بالنجاسة أو يقع على نجاسة خارجة استثنى الأصحاب من الغسالة ماء الاستنجاء من الحدثين فحكموا بعدم وجوب الاجتناب عنه بلا خلاف بينهم لما في ذلك من الحرج والعسر المنفى ولصحيحة عبد الكريم بن عتبة الهاشمي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يقع ثوبه على الماء الذي استنحى به أينجس ذلك ثوبه قال لا وحسنة محمد بن النعمان الأحول في الحسن قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام اخرج من الخلاء فاستنجى بالماء فيقع ثوبي في ذلك الذي استنجيت به فقال لا باس به ورواية محمد بن النعمان عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له استنجى يقع ثوبي فيه وانا جنب فقال لا باس به واشترط في طهارته عدم تغيره بالنجاسة وعدم وقوعه على نجاسة خارجة عن المحل ويشترط أيضا عدم كون الخارج من المخرج غير الحدثين لعدم صدق الاستنجاء معه واشترط جماعة من الأصحاب ان لا يخالط نجاسة الحدثين نجاسة أخرى وان لا ينفصل مع الماء اجزاء متمايزة لأنها كالنجاسة الخارجة ينجس بها الماء بعد مفارقة المحل واشتراطهما أحوط وإن كان للتوقف فيه مجال لعموم النص وقال في الذكرى إذا زاد وزنه اجتنب وهذا أيضا هي قول المصنف في النهاية في مطلق الغسالة وظاهر هذا الكلام ان زيادة الوزن سبب لوجوب الاجتناب وقد حكى عنه انه جعل عدم زيادة الوزن شرطا للعفو عنه وظاهر هذا توقف العفو على العلم بعدم الزيادة وهو بعيد لا يليق ان ينسب بماله واما الأول وإن كان محتملا لكن لا دليل عليه فينفيه اطلاق النصوص ومقتضى اطلاق النص وكلام الأصحاب عدم الفرق بين المخرجين والا بين الطبيعي وغيره ولا بين التعدي وغيره الا ان يتفاحش على وجه لا يصدق على ازالته اسم الاستنجاء ولا فرق بين سبق الماء اليد ولا بين سبقها إياه ويكسب إلى بعضهم اشتراط سبقه
(١٤٣)