خلاف يعرف في ذلك ولو وقع سيد مجروح حلال اللحم نجس الميتة في الماء القليل فمات واشتبه استناد موته إلى التذكية أو الماء مع خلو موضع الملاقاة من النجاسة فالأظهر انه من ذلك القبيل وهو أحد القولين في هذه المسألة اختاره المصنف في بعض كتبه وقواه الفاضل الشيخ على وحكم جمع من الأصحاب منهم المصنف في أكثر كتبه والشهيدان رحمهما الله فنجاسة الماء وتوقف المحقق لنا أصالة طهارة الماء السالمة عن معارضة اليقين بملاقاة النجاسة فان الشك في استناد الموت إلى الماء يقتضى الشك في النجاسة فتبقى العمومات الدالة على طهارة الماء سالمة عن المعارض واما الحكم بالتحريم فمبنى على عدم العلم بالتذكية لا على العلم بعدمها احتجوا بان تحريم الصيد حينئذ ثابت بالاجماع وجملة من الاخبار منها صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن رجل رمى صيدا وهو على جبل أو حائط فيخرق فيه السهم فيموت فقال كل منه وان وقع في الماء من رميتك فمات فلا تأكل منه والحكم بتحريم اللحم يدل على عدم تحقق الذكاة وذلك يقتضى الحكم بموته حتف انفه وهو ملزوم للنجاسة والجواب المنع من دلالة حرمة اللحم على عدم تحقق الذكاة بل انما يدل على عدم العلم بتحقق الذكاة فان مجرد ذلك يكفي علة للتحريم لاشتراط الحل بأمر وجودي هو التذكية وهي غير معلومة فالتحريم مبنى على عدم العلم بحصول شرط الحل فيعمل حينئذ بكل من اصلى طهارة الماء وتحريم اللحم ومن هنا ظهر اندفاع ما يقال من أن العمل بالأصلين انما يكون مع امكانه وهو منتف ههنا لان طهارة الماء يستلزم عدم نجاسة الصيد المقتضى لعدم موته حتف أنفيه و وتحريم اللحم يستلزم عدم التذكية المستلزم لموته حتف انفه فالعمل بهما يفضى إلى الجميع بين المتنافيين وذلك لان طهارة الماء لا يستلزم عدم نجاسة الصيد في الواقع بل يستلزم عدم العلم بنجاسة وكذلك تحريم اللحم لا يستلزم عدم التذكية بل يستلزم عدم العلم بالتذكية فاللازم من المقدمتين عدم العلم بالموت حتف انفه وعدم العلم بعد الموت حتف انفه ولا تناقض فيه وهو واضح ويستحب تباعد البئر عن البالوعة التي يرمى فيها ماء النزح أو غيره من النجاسات بسبع أذرع إذا كانت الأرض سهلة أي رخوة أو كانت البالوعة فوقها بان يكون قرارها أعلى من قوله البئر ولا اعتبار بوجه الأرض والا فخمس أذرع المشهور بين الأصحاب استحباب التباعد بين البئر والبالوعة بمقدار خمسة أذرع إن كانت البئر فوق البالوعة أو كانت الأرض صلته والا فسبع أذرع والمستفاد من عبارة المصنف مخالف للمشهور ولما ذكره في غير هذا الكتاب وصرح جماعة منهم باعتبار الفوقية بالجهة حتى يستوى القرار ان بناء على أن جهة الشمال أعلى فحكموا بفوقية ما كان في جهة الشمال فعلى هذا يصير أقسام المسألة باعتبار صلابة الأرض ورخاوتها وكون البئر أعلى بحسب القرار أو أسفل أو مساويا وكونها في جهة المشرق أو المغرب أو الجنوب أو الشمال أربعا وعشرين واستندوا في اعتبار الجهة إلى رواية محمد بن سليمان الديلمي الآتية وهو مشكل إذ لم يعلموا بها في أصل المسألة وفى رواية قدامة بن أبي زيد الآتية اشعار ما به وخالف ابن الجنيد المشهور واختلف النقل عنه فالمشهور أنه يقول إن كانت الأرض رخوة والبئر تحت البالوعة فليكن بينهما اثنا عشرة ذراعا وإن كانت صلبة أو كانت البئر فوق البالوعة فليكن بينهما سبع أذرع حكى ذلك عنه المصنف وغيره وحكى صاحب المعالم أنه قال في المختصر لا استحب الطهارة من بئر تكون بئر النجاسة التي تستقر من أعلاها في مجرى الوادي الا إذا كان بينهما في الأرض الرخوة اثنتا عشرة ذراعا وفى الأرض الصلبة سبعة أذرع فإن كانت تحتها والنظيفة أعلاها فلا باس وإن كانت محاذيتها في سمت القبلة فإذا كانت بينهما سبعة أذرع تسليما لما رواه ابن يحيى عن سليمان الديلمي عن أبي عبد الله عليه السلام والذي يستفاد من هذه العبارة انه يرى التقدير بالاثني عشر بشرطين رخاوة الأرض وتحتية البئر ومع انتفاء الشرط الأول سبع وكذا مع استواء القرار إن كانت المحازاة في سمت القبلة بان يكون أحدهما في جهة المشرق والاخرى في محاذاتها من جهة المغرب وكلامه ناظر إلى اعتبار الفوقية في الجهة فحيث يكون المحاذاة في غير جهة القبلة تكون إحديهما في جهة الشمال فتصير أعلى حجة المشهور رواية الحسن بن رباط عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن البالوعة يكون فوق البئر قال إذا كانت أسفل من البئر فخمسة أذرع وإذا كانت فوق البئر فسبعة أذرع من كل ناحية وذلك كثير ورواية قدامة بن أبي زيد الحمار عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته كم أدنى ما يكون بين البئر والبالوعة فقال إن كان سها؟؟؟ أنبع أذرع إن كان جبلا فخمسة أذرع ثم قال يجرى الماء إلى القبلة إلى يمين ويجرى عن يمين القبلة إلى يسار القبلة ويجرى عن يسار القبلة إلى يمين القبلة ولا يجرى من القبلة إلى يسار القبلة قيل وجه الاحتجاج ان في كل من الروايتين اطلاقا وتقييدا أفيجمع بينهما بحمل المطلق على المقيد وذلك أن التقدير بالسبع فيهما مطلق فيقيد في الأولى بالرخاوة لدلالة الثانية على الاكتفاء بالخمس مع الجبلية التي هي الصلابة وتقييد في الثانية بعدم فوقية البئر لدلالة أولي على اجزاء الخمس مع أسفلية البالوعة ولا يخفى ان طريق الجمع غير منحصر فيما ذكر إذ كما يمكن ابقاء التقدير بالخمس في الخبرين على ظاهره وارتكاب التقييد في التقدير بالسبع كذلك يمكن العكس فيقال التقدير بالخمس في الخبر الأول مقيد بالصلابة لدلالة الثانية على السبع في صورة الرخاوة وتقييد في الثانية بعدم فوقية البالوعة لدلالة الأولى على السبع في صورة فوقية البالوعة والاحتمالات العقلية في طريق الجمع بين الخبرين أربعة الأول ترجيح التقدير بالخمس فيهما الثاني ترجيح التقدير بالسبع فيهما الثالث ترجيح الخمس في الأول دون الثاني الرابع عليه والاحتمالان الأخيران غير صحيحتين لاستلزام الأول منهما ان لا يكون للصلابة والرخاوة مدخلا في الحكم أصلا فيوجب طرح الثاني واستلزام الثاني منهما ان لا يكون للفوقية والتحتية مدخل في الحكم أصلا فيوجب طرح الخبر الأول فيبقى الاحتمالان الأولان ولابد في ترجيح أحدهما على الأخر من دليل ولا يبعد الاكتفاء في ترجيح الأول بعمل الأصحاب والشهرة بينهم مع اعتضاده بالأصل البراءة والظاهر أن المراد من قوله في الرواية الأولى فسبعة أذرع من كل ناحية انه لا يكفي البعد بهذا المقدار من جانب واحد من جوانب البئر إذا كان البعد بالنظر إليها متفاوتا وزعم الشارح الفاضل ان الرواية التي هي مستند الحكم فيها ليس ما يدل على حكم التساوي وانه مسكوت عنه قال واعتبار السبع في المسألة المفروضة مع موافقته المشهور أبلغ في الاستظهار ولا يخفى ان عدم دخول حكم التساوي في مدلول الخبر الأول يوجب دخوله تحت الخبر الثاني سليما عن المعارض فيعتبر في صورة التساوي السبع عند الرخاوة والخمس عند الصلابة فليست مسكوتا عنه وحجة ابن الجنيد الرواية التي أشار إليها وهي رواية محمد بن سليمان الديلمي عن أبيه قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن البئر تكون إلى جنبها الكنيف فقال لي ان مجرى العيون كلها من مهب الشمال فإذا كانت البئر النظيفة فوق الشمال والكنيف أسفل منها لم يضرها إذا كان بينهما أذرع وإن كان الكنيف فوق النظيفة فلا أقل من اثنى عشر ذراعا وإن كانت تجاها بحذاء القبلة وهما مستويان في مهب الشمال فسبعة أذرع وفى دلالتها على مطلوب ابن الجنيد نظر إما على الوجه الذي اشتهر نقله عنه فظاهر واما على الوجه الذي نقل عنه في المختصر فلانه لا يفصل في صورة فوقيه الكنيف بالرخاوة والصلابة في الرواية دون كلامه وأيضا انه نقى الباس في صورة علو المطهر وهو ظاهر في عدم اعتبار التقدير هو في الرواية مقيد بان يكون بينهما الزرع وقد يجمع هذه الرواية وبين روايتي المشهور بحمل اطلاق الأذرع في صورة فوقية البئر على الخمس وتقييد التقدير بالسبع في صورة المحاذاة برخاوة الأرض وتحتية البئر وحمل الزائد على السبع في صورة فوقيته الكنيف على المبالغة في القدر المستحب ولا يخفى تكلف الحمل الأول وفساد الثاني لان فرض المحاذاة مستفاد من الخبر خصوصا بانضمام المقابلة بصورتي علو كل منهما فكيف يجامع الحمل على تحتية البئر واما الثالث فغير بعيد وقد يحمل التقدير بالاثنتي عشرة على ما إذا كان علو الكنيف بالقرار والجهة وحمل السبع في الرواية السابقة على ما يكون بالقرار فقط أو بأحدهما وهو غير بعيد ولا يخفى اشتراك الروايات المتقدمة في ضعف الاسناد وقد وردت رواية أخرى في الحسن عن زرارة ومحمد بن مسلم وأبى بصير قالوا قلنا له البئر يتوضأ منها يجرى البول قريبا منها ينجسها قال فقال إن كانت البئر في أعلى الوادي فالوادي يجرى فيه البول من تحتها وكان بينهما قدر ثلثة أذرع أو أربعة أذرع لم ينجس ذلك شئ وإن كانت البئر في أسفل الوادي ويمر الماء عليها وكان بين البئر وبينه تسعة أذرع لم ينجسها وما كان أقل من ذلك لم يتوضأ منه قال زرارة فقلت له فإن كان يجرى بلزقها وكان لا يثبت على الأرض فقال ما لم يكن له قرار فليس به باس وان استقر منه قليل فإنه لا يثقب الأرض ولا يغوله حتى يبلغ البئر وليس على البئر فيه باس فيتوضأ منه انما ذلك إذا استنقع كله وزاد في الكافي بعد قوله لم ينجس ذلك شئ وإن كان أقل من ذلك ينجسها وهذه الرواية أجود ما ورد في هذا الباب كما صرح به المحقق بعد حكمه بعدم انفكاك الأخريين عن ضعف حيث قال وأجودها الأخيرة مع أنهم لم يتبينوا العاقل؟؟
(١٤٠)