على ما نقل عن بعض الأصحاب رواية الحسن بن صالح الثوري عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا كان الماء في الركى كرا لم ينجسه شئ والمراد بالركى الأبار واستدل له مع ذلك لعموم ما دل على اشتراط الكرية في عدم الانفعال ويمكن الاستدلال له بالخير العاشرة ما نقلنا من اخبار الطهارة والجواب عن الأول ان هذا الخبر ضعيف السند جدا ومع ذلك دلالته دلالة المفهوم فلا يصح المعارضة الأخبار السابقة وهذا هو الجواب عن الثالث مع أن الخبر غير صحيح وعن الثاني انه لا دلالة فيها على انفعال القليل مطلقا حتى يشمل محل النزاع كما أشرنا إليه مرارا سلمنا لكن يجب تخصيصها جمعا بين الأدلة وأوجبوا نزح الجميع في موت البعير هو في الإبل بمنزلة الانسان كما نص عليه أهل اللغة وجماعة من الأصحاب فيشمل الذكر والأنثى في الصغير والكبير والظاهر أنه لا خلاف في هذا الحكم بين الأصحاب إما على وجه الوجوب أو الاستحباب ونقل ابن زهرة اتفاق الأصحاب على وجوب نزح الجميع فيه وعده ابن إدريس من المتفق عليه بينهم وتدل عليه صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا سقط في البئر شئ صغير فمات فيها فانزح منها سبع دلاء قال فان وقع فيها جنب فانزح منها سبع دلاء وان مات فيها بعيرا وصب فيها خمر فلينزح وصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن سقط في البئر دابة صغيرة وانزل فيها جنب نزح منها سبع دلاء فان مات فيها ثورا ونحوه أو صب فيها خمر نزح الماء كله واما رواية عمرو بن سعيد بن هلال قال سألت أبا جعفر عليه السلام عما يقع في البئر ما بين الفارة والسنور إلى الشاة فقال كل ذلك يقول سبع دلاء حتى بلغت الحمار والجمل فقال كر من ماء فحملها الشيخ على أنه جواب عن حكم الحمار تعويلا في حكم الحمل على ما عرف من وجوب نزح الجميع وهو بعيد جدا والصواب ردها لعدم صلاحيتها لمقاومة الخبر الصحيح لان رواية مجهول الحال وضعفها المحقق بان رواية عمرو بن سعيد فطحي وتبعه على ذلك المصنف والشهيد وأورد عليهم ان عمرو بن سعيد الفطحي من أصحاب الرضا عليه السلام وهذه الرواية عن الباقر عليه السلام لان الراوي عن عمرو بن سعيد عمر بن يزيد وهو من رجال الصادق عليه السلام وتصريح الشيخ أيضا بان عمرو بن سعيد بن هلال من أصحاب الصادق عليه السلام والأقرب الحاق الثور بالبعير قيل إنه مذهب أكثر الأصحاب وتدل عليه صحيحة عبد الله بن سنان السابقة وعن ابن إدريس انه اكتفى فيه بالكر وذكر المصنف ان الشيخين واتباعهما لم يذكروه لكنهم أوجبوا نزح كر للبقرة ونقل صاحب الصحاح اطلاق البقرة عليه ولا يخفى ان عرف هذا الزمان لا يوافق ما نقل من الصحاح ولكن يحتمل ان يكون هذا العرف متجددا بعد زمانهم والشيخان وان لم يذكر الثور صريحا لكنه داخل في عموم كلامهم حيث ذكر وأنزح كر للحمار والبقرة وأشباههما واحتج عليه الشيخ في التهذيب بخبر عبد الله بن سنان المشتمل على ذكر الثور صريحا ووقوع المنى أوجب الشيخ نزح الجميع للمنى ويستفاد من كلام ابن زهره وابن إدريس نقل اتفاق الأصحاب عليه والاخبار خاليه عنه ونقل عن كثير من الأصحاب التصريح بان النص خالية عنه وحكاه في الذكرى عن الشيخ أبى على ولد الشيخ في شرح نهاية والده وقال في المعتبر لم اقف على ما يدل بمنطوقه على وجوب نزح الماء بالمنى بل يمكن ان يقال ماء محكوم بنجاسة ولم يثبت طهارته باخراج بعضه فيجب نزحه وهذا الوجه لو تم يختص القول بانفعال البئر بالملاقاة والمنى باطلاقه شامل المنى الانسان وغيره مما له نفس سائله وربما قيل باختصاص بمنى الانسان وادخال غيره فيما لا نص فيه والوجه ادخال الجميع ودم الحيض والاستحاضة والنفاس ذهب إليه الشيخ وجماعة ونقل ابن زهرة اجماع الأصحاب وابن إدريس عدها في جملة المتفق عليه بينهم واعترف جماعة منهم بعدم النص فيها على الخصوص قال في المعتبر بعد نسبة ذلك إلى الشيخ واتباعه والاعتراف على عدم النص فيه ولعل الشيخ نظر إلى اختصاص دم الحيض بوجوب إزالة قليله وكثيره عن الثوب فغلط حكمه في البئر والحق به الدمين الأخوين لكن هذا التعليل ضعيف فالأصل ان حكمه حكم بقية الدماء عملا بالأحاديث المطلقة وفى التسوية بينه وبين غيره من الدماء نظر سيأتيك وجهه واحتج له في المختلف بنحو احتجاج المحقق في حكم المنى وقد عرفت حاله والمسكر ذكر الشارح الفاضل والفاضل الشيخ على وبعض المتأخرين ان المراد به المائع بالأصالة لعدم نجاسة مثل الحشيشة ولا يخفى ان أكثر عبارات الأصحاب حال عن التقييد وفى نهاية الشيخ شراب مسكر وكذا في غيبة ابن زهرة ولعل ذلك مراده الباقين والحكم المذكور ومشهوره بين الأصحاب ونقل ابن زهره وابن إدريس الاتفاق عليه وتدل عليه صحيحة الحلبي وعبد الله بن سنان السابقتان وصحيحة معوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام في البئر يبول فيها الصبى أو يصب فيها بول أو خمر فقال ينزح الماء كله وهذه الرواية متضمنة لنزح الجميع للبول ولا قائل به وحملها الشيخ على حصول التغير به والمحقق على الاستحباب بالنسبة إلى البول بناء على القول بالوجوب وأورد بعضهم على خبر ابن سنان انه مشكل مخالف للمشهور في الدابة الصغيرة فيشكل التعويل عليه والمشهور بين الأصحاب عدم الفرق بين قليل الخمر وكثيره حتى جعل ابن إدريس ذلك من جملة المتفق عليه بينهم ودليلهم عليه هذه الروايات وفيه نظر لان السبب لا يصدق على مثل القطرة وانكاره مكابرة وذهب ابن بابويه في المقنع على ما نقل منه انه ينزح للقطرة من الخمر عشرون دلوا وهو مروى عن زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام بئر قطر فيها قطرة دم أو خمر قال الدم والخمر والميت ولحم الخنزير في ذلك كل واحد ينزح منه عشرون دلوا فان غلب الريح نزحت حتى تطيب وهذه الرواية ضعيف السند وظاهرها الاكتفاء بالعشرين في الخمر وما ذكر معه ولا قائل يمر فيما اعلم وروى كردويه قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن البئر تقع فيها قطرة دم أو نبيذ مسكر أو بول أو خمر قال ينزح منها ثلاثون دلوا وهذا وهذا الخبر أيضا ضعيف ويظهر من المحقق الميل إلى العمل بهما وإذ قد عرفت ان الأخبار المتقدمة لا تشمل مثل القطرة والأخيرين ضعيفان لا يصلحان للدلالة فالحاق القطرة بما لا نص فيه وجه ويمكن ان يقال بناء على القول بالنجاسة ان استحباب النجاسة غير ثابت الا بالقدر الذي اقتضاه الدليل فيجب الاقتصار في الحكم بالنجاسة وبقائها على القدر المتيقن وبعد نزح العشرين لا دليل على بقاء النجاسة فتسلم العمومات الدالة على الطهارة بالنسبة إليه سالمة عن المعارض ومنه يعلم أن قول الصدوق غير بعيد واعلم أن الروايات المذكورة انما تضمنت حكم الخمر الا ان معظم الأصحاب لم يفرقوا بين الخمر وسائر المسكرات واحتج عليه في المعتبر بعد الاعتراف بعدم حديث يدل عليه نطقا بما ورد في بعض الأخبار من أن كل مسكر خمر وتبعه على هذا الاستدلال جماعة ممن تأخر عنه وفيه تأمل لان الرواية غير صريح في تسمية المسكر خمرا بل يجوز ان يكون المراد اشتراكه مع الخمر في التحريم لأنها مسوقة لبيانه والانكار على من خص التحريم بالخمر وحمل الخبر عليه غير بعيد جمعا بين الخبر والمستفاد من اللغة والعرف من تسميته خمرا والفقاع ذكر المرتضى في الانتصار ان الفقاع هو الشراب المتخذ من الشعير والأولى الرجوع عنه إلى العرف إذا لم يعلم اطلاقه على ما علم حله وطهارته كماء الزبيب الذي لم يتغير عن حقيقته والحكم المذكور ذكره الشيخ وجماعة ممن تأخر عنه ويستفاد من كلام ابن زهرة وابن إدريس نقل الاتفاق عليه وليس فيه نص على الخصوص واحتج المحقق ومن تبعه باب الفقاع خمر لقول الصادق عليه السلام في رواية هشام بن الحكم وقد سأله عن الفقاع انه خمر مجهول وقول الكاظم عليه السلام انه خمرا استصغرها الناس ويود عليه ما سبق والحق الشهيد في الذكرى بالخمر العصير العنبي بعد الاشتداد لشبهه به وهو قياس محض مسألة حكى الشهيد عن أبي الصلاح ايجاب نزح الجميع لبول ما لا يؤكل لحمه ولو لوثه الأبوال الرجل والصبي ونسب إلى ابن البراج ايجاب الجميع بعرق الإبل الجلالة وعرق الجنب من حرام وعن البصروي الحاق خروج الكلب والخنزير حيين وعن بعضهم الحاق الفيل ولم اطلع على دليل الشئ من ذلك كله ولعلهم بنوا هذه الأحكام على ايجاب نزح الجميع فيما لا نص فيه فان تعذر نزح الجميع لكثرته تراوح عليها أربعة رجال يوما التراوح تفاعل من الراحة لان كل اثنين يريحان صاحبهما وهذا الحكم ذكره الشيخان واتباعهما وذكر المصنف في المنتهى انه لا يعرف فيه مخالفا بين القائلين بالتنجيس ونقل عليه ابن زهرة اجماع الفرقة ومستنده موثقة عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث طويل قال في اخره وسئل عن بئر وقع فيها كلب أو فارة أو خنزير قال ينزف كلها فان غلب عليه الماء فلينزف يوما إلى الليل ثم يقام عليها قوم يتراوحون اثنين فينزفون يوما إلى الليل وقد طهرت والرواية غير صحيحة لان في طريقها جماعة من الفطحية وقد تضمنت ما لا يقولون به وهو ايجاب نزح الماء
(١٢٩)