عليه، لأن تعذر المعارضة يمكن أن يكون لفرط فصاحة القرآن وخرق عادتنا بفصاحته، إلا أن للناظر يجوز 1 أن يكون هذا القرآن من فعل جن ألقاه إلى من ظهر عليه يخرق به عادتنا، لأنا لا نحيط علما بمبلغ من دين 2 الجن في الفصاحة.
وإذا جوزنا ذلك لم يثبت كونه معجزا بهذا الضرب من الاستدلال، دون أن يعلم أن الذي خرق به عادتنا حكم لا يجوز أن يصدق الكذب.
ولهذا قلنا أن سؤال الجن عنه، إلا على مذهب القائلين بالصرفة، لأن من يذهب يعلم أن جهة تعذر المقدمة على العرب إنما هي للصرف عنها، لفرط الفصاحة، والصرف عن العلوم التي يساق معها الكلام الفصيح لا يصح إلا من الله تعالى دون كل قادر محدث.
والجواب عن هذه الشبهة: أنه إن كان هذا القول قادحا في مذهب الصرفة، فهو قادح في مذهب خصومهم القائلين بأن جهة إعجاز القرآن فرط فصاحته.
لأنه يقال لهم: وإذا كان الطريق إلى العلم بأن فصاحة القرآن خارقة للعادة، وهو عدم معارضته، فلو عورض القرآن بما لا يشبه فصاحته كمعارضة مسيلمة، من أين كان يعلم العجم والعوام وكل من لا يعرف العربية ومراتب الفصاحة، أن هذه المعارضة غير واقعة موقعها. وهو لا يعلم أنه علم معجز إلا بعد أن يعلم أنه لم يعارض معارض مؤثرة، فأي شئ قالوه في ذلك قلنا لهم في مثله في نصرة القول بالصرفة.
والجواب عن الشبهة بعد المعارضة: إن من ليس من أهل العلم بالفصاحة ومراتبها من أعجمي أو عامي، متمكن من العلم بفصل فصيح من الكلام على .