لا يحصل مع القول بالصرفة إلا بعد المعرفة بالعربية، وذلك يقتضي فساد ما بنينا القول به.
وكذلك إن قيل لنا أيضا: إذا كان العلم بمراد الله تعالى ومراد رسوله والقائمين في الأمة مقامه (صلوات الله عليه وعليهم) لا يعلم إلا بعد العلم بالعربية التي خوطبنا بها، فيجب على كل مكلف العلم بها أن 1 يكون عالما بالعربية، وذلك يقتضي وجوبها مستدامة لكل مكلف للشريعة على النظر فيها.
الجواب، وبالله التوفيق:
إعلم أن هذه الشبهة لم يخطر إلا ببال من تصفح كتبي، وقرأ كلامي في نصرة القول بالصرفة، واعتمادي في نصرتها على أن أحدا لا يفرق بالضرورة، من غير استدلال بين مواضع من القرآن، وبين أفصح كلام للعرب في الفصاحة.
فإن كان يفرق ما بين أفصح كلامهم وأدونه بفرقة ظاهرة، ومحال أن يفرق بين المتقاربين من لا يفرق بين المتباعدين، فتركيب هذه الشبهة من مفهوم هذا الكلام.
وليس يمكن أن يقول في هذا الموضع ما لا يزال أن يقال: من أن الناظر إذا علم أن القرآن قد تحدى به، ولم يقع المعارضة له، لتعذرها عليهم الذي لا يجوز أن يكون معتادا.
فليس بعد ذلك إلا أن يكون القرآن خرق العادة بفصاحته، أو صرف القوم عن معارضته، وأي الأمرين كان فقد صحت النبوة، فلا فقر بنا إلى معرفة الوجه على سبيل التفصيل.
وذلك أن هذه الطريقة غير مستمرة، على ما بينا في كتابنا في نصرة الصرفة .