وليس يجب أن يكون هذا العلم المجمل في موضع مبسوطا مشروحا مفرعا مشعبا، حسب ما يفعله مدققوا المتكلمين.
وليس يجب فيمن يحصل له علم الجملة في الأصول أن يتمكن من معرفة الفروع على التفصيل، بل لا بد في معرفة حكم كل حادثة من فروع الشريعة من علوم ربما لم يقدر عليها صاحب الجملة في الأصول، إلى الاستفتاء في فروع الشريعة، لما ذكرناه.
وقد استقصينا هذا الكلام وبسطناه وفرعناه في جواب المسائل الحلبيات، وانتهينا فيه إلى أبعد غاياته.
وليس يجب إذا كان العامي الذي من فرضه الاستفتاء، ولا يتمكن من العلم بأحكام الحوادث على التفصيل، أن يكون غير عاقل، أو غير كامل العقل. لأن العقل اسم لعلوم مخصوصة يصح من المكلف بما كلفه والقيام به.
وهذا العامي ما كلف النظر في أحكام الحوادث على التفصيل والعلم بها، فلا يكون ناقص العقل، لأن معه من العلوم التي يسمى عقلا ما يكفيه في معرفة ما كلفه والعمل به، وما فاته من علوم زائدة على ذلك إذا لم تكن مخلة بشئ من تكليفه، فإنها لا تسمى عقلا على هذا الذي قررناه.
ولأن العقلاء وإن اختلفوا في حصول العلم 1 الضرورية لهم وزادت في بعضهم ونقصت في بعض آخر، لا يجب أن يكونوا مختلفين في كمال العقل، ولا في العلوم المسماة بهذا الاسم. لأنا إذا جعلنا هذا الاسم واقعا على ما يحتاج العاقل إليه في معرفة ما كلفه دون غيره، لم يكن ما فات بعضهم في هذه العلوم مسمى بكمال العقل، لأنه غير مخل بما كلفه.
.