يجوز أن يحصل لهم من العلم ما حصل لنا، لأن ذلك غير معلوم لنا من جهتهم ، فإنا لا نقطع على أنهم ناظرون في الأدلة التي نظرنا فيها.
ولو نظروا فيها لما علمنا أنهم على الصفة التي يولد معها النظر لهم العلم بالمنظور فيه، غير 1 ممتنع أن يكون على صفة واعتقادات لا يجوز معها ثواب النظر المعلم.
والذي يجب أن نعلمه على سبيل الجملة: أنهم لو نظروا وأحوالهم كأحوال من ولد نظره العلم فإذا علمنا أنهم غير عالمين، فلا بد من أن يكون بعض الشرائط اختلت فيهم.
وقد مثل المتكلمون في كتبهم ذلك بالرماة على سمت واحد أصاب أحدهم الغرض، وادعى الرامي الآخر الذي لم يصب سهمه الغرض أنه رمى في سمت المصيب وعلى حد رميه وعلى أحواله كلها، فإنا نعلم أن مدعي ذلك كاذب، لأنه لو كان صادقا لا صاب، كما أصاب صاحبه.
وقد كنا ذكرنا وجها غريبا خطر لنا في جواب المسائل البرمكيات ما ذكرناه إلا فيها، وهو أن سلمنا حصول المعارف لبعض الكفار، غير أنا قلنا إن المعرفة إنما يستحق عليها الثواب إذا فعلت للوجه الذي وجبت، فأما إذا فعلت لوجه آخر لم يجب منه، فإن الثواب لا يستحق عليها.
ألا ترى من رد الوديعة لا لوجوبها عليه، بل للرياء والسمعة وليودع أمثالها، فإنه لا يستحق على الرد مدحا ولا ثوابا.
وعلى هذا التقدير لا يمنع أن يكون من جوزنا أن يكون معه معرفة الله تعالى من الكفار ما فعلها لوجه وجوبها بل لوجه آخر، فلا يستحق عليها ثوابا.
وإنما نمنع من اجتماع الثواب والعقاب الدائمين.
.