يفرق بين الجميع.
فإن قيل: فإذا قلتم أنهم ملجأون إلى ألا يفعلوا القبيح فقد ثلم من ذلك كونهم مختارين لأفعالهم على بعض الوجوه.
قلنا: إنما يلجأون إلى ألا يفعلوا القبيح خاصة، فالالجاء إنما يكون فيما لا يفعلونه، فأما ما يفعلونه فهم فيه مخيرون، لأنهم يؤثرون 1 فعلا على غيره وينقلون من حال إلى أخرى بعد ألا يكون في أفعالهم شئ من القبيح. وليس يمتنع أن يكون الملجأ من وجه مخيرا [كذلك] 2 من آخر، لأنه من ألجأه السبع إلى مفارقة مكان بعينه هو مخير في الجهات المختلفة والطرق المتغايرة، فالتخير ثابت وإن كان ملجأ من بعض الوجوه، وليس يجب أن يلحقهم غم ولا حسرة من حيث ألجئوا 3 إلى ألا يفعلوا القبيح، لأنهم مستغنون عنه بالحسن، فلا غم ولا حسرة في الالجاء إلى مفارقة القبيح 4.
وهذه الجملة كافية لمن اطلع عليها. والله الموفق للصواب.